الزعيم الدرزي وليد جنبلاط يخشى خسارة دور بيضة القبان القادرة على تعديل كفة الميزان السياسي اللبناني
 

لم يخف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الثلاثاء وجود توتر بينه والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إلا أنه أكد حرصه على المحافظة على العلاقات الاستراتيجية معه.

وقال الحريري إن “هناك مدا وجزرا في العلاقة مع وليد بيك، لكن ليس بسببي، وأنا أنظر إلى العلاقة الاستراتيجية ويوميات العلاقة؛ هي جزء من السياسة”.

وشهدت العلاقة بين زعيم المستقبل ورئيس اللقاء الديمقراطي توترا على خلفية إقصاء مرشح الأخير أنطوان سعد من اللائحة المشتركة التي تضم كذلك التيار الوطني الحر في البقاع الغربي – راشيا وتعويضه في اللحظات الأخيرة بمرشح للمستقبل، وهو ما اعتبره جنبلاط “طعنة في الظهر”.

وكان الطرفان قد اتفقا في البداية على ترشيح كل من وائل أبوفاعور وأنطوان سعد ممثلين عن اللقاء الديمقراطي في اللائحة، ليتفاجأ اللقاء الديمقراطي بتغيير اسم الأخير وتعويضه بغسان سكاف عن المقعد الأرثوذكسي. وترى أوساط مقربة من تيار المستقبل أن القانون الانتخابي فرض تغيير مرشح اللقاء الديمقراطي، وأنه لم يكن من الممكن أن يرشح جنبلاط اثنين عن دائرة البقاع الغربي التي لا يملك فيها حضورا وازنا، مشددة على أنه ليس هناك أي استهداف للزعيم الدرزي. ويشير هؤلاء إلى أن التيار الأزرق متحالف مع اللقاء الديمقراطي في أكثر من دائرة سواء في بيروت الثانية وفي الشوف – عاليه، وبالتالي الحديث عن نية لضرب “وليد بيك” لا أساس له من الصحة.

تبريرات المستقبل يبدو أنها لا تقنع رئيس اللقاء الديمقراطي والمحيطين به الذين يعتبرون أن ما حدث في البقاع الغربي يعكس مدى تأثير التيار الوطني الحر وزعيمه جبران باسيل على تيار المستقبل، وأن ما حصل يتجاوز بعده الانتخابي إلى السياسي.

وليد جنبلاط يعتبر أن التحالف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر يهدد مكاسبه الانتخابية وأيضا السياسية

وقال جنبلاط في تصريحات صحافية مؤخرا “إن تصرّفات المستقبل والتيار الوطني الحر عشيّة الانتخابات توحي بأنّ هناك محاولة لفرض حصارٍ عليّ، ربّما لحسابات تتّصل بمرحلة ما بعد الانتخابات، وقد لا يكون الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل بعيدين من هذه الحسابات”.

ويبدو أن أكثر ما يثير مخاوف وليد جنبلاط هو ما بعد الانتخابات والتحالف المتنامي بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، لجهة إمكانية أن يسحب منه دور “بيضة القبان” القادرة على تعديل كفة الميزان السياسي اللبناني. ويرى البعض أن مخاوف جنبلاط لها ما يبررها خاصة وأن العلاقة بينه والتيار الوطني الحر لطالما اتسمت بالتوتر والصراعات وحتى مع ما يعرف بمصالحة الجبل بين التقدمي الاشتراكي والقوى المسيحية لم تستطع التخفيف من وطأتها، بيد أن الذهاب بعيدا في القول إن تيار المستقبل يسعى لإقصائه فيه الكثير من المبالغة.

ويشير هؤلاء إلى أنه بغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصل عليها كل طرف سياسي في الانتخابات المقررة في 6 مايو المقبل، فإن الحقيقة الثابتة أن هذا البلد لا يمكن إدارته دون توافق بين قواه واحترام للتوازنات الدقيقة فيه، وهذا يعيه الجميع.

ويقول أحد المقربين من المستقبل إن عقلية الإلغاء لا تنجح في لبنان وقد ثبت ذلك بالتجربة المريرة التي عاشها لبنان منذ السبعينات وحتى أواخر الثمانينات من القرن الماضي، معتبرا أن تصريحات جنبلاط عن وجود محاولة لإقصائه وضربه، لا يمكن قراءتها بعيدا عن الدعاية الانتخابية التي ترمي إلى دغدغة عواطف أنصاره للتصويت في الاستحقاق.

ويذكر أن ما قام به المستقبل في دائرة البقاع الغربي يدرج ضمن اللعبة السياسية ذاتها التي دفعت وليد جنبلاط إلى الانسحاب فجأة من تحالف 14 آذار في العام 2009، وأيضا حينما قرر دعم نجيب ميقاتي لتولي رئاسة الحكومة على حساب سعد الحريري في 2011.