هي ذاكرتنا الضعيفة التي تجعلنا نصدّق ان الاحزاب اللبنانية مأزومة في القانون الجديد للانتخابات، وهي لذلك تطلق حملاتها التحريضية في كل اتجاه. هي الحملات نفسها كانت تسبق كل استحقاق. تبدلت الشعارات، وبعض الادوات. لكن شيئا جديدا لم ولن يحصل. الاحزاب اللبنانية ليست في ازمة نتائج. ربما وقعت في فخ التحالفات المرتبطة بمصالح آنية نفعية أدمنتها الطبقة السياسية للحفاظ على مكتسباتها ليس اكثر. أما الصراخ والعويل الذي يتكرر على مسامعنا صباحا ومساء، فليس إلا من عدّة الانتخابات، وحملات التعبئة لضمان نسبة اقتراع مرتفعة. بعض الخسائر ستصيب مجموعات قليلة كان السوري يضمن لها مقاعدها، فإذ به يستبدلها اليوم بأسماء اخرى كان مصرّاً على إيصالها. ووجد، في المقابل، قبولاً، ولو من غير اقتناع، من المتحكّمين بالاصوات والممسكين بالناخبين.

اللافت في هذه الدورة الانتخابية بروز المجتمع المدني، لكن ايقاع تطورات تحالفاته ومشاريعه قد يجعله فقاعة لا اكثر، علما اننا لا نتمنى ذلك، لاننا بنينا عليه آمالا للتغيير، في وجه احزاب بالية لكنها لا تزال تحظى بالاكثرية الشعبية. لكن المجتمع المدني لم يقدم حتى ساعته بديلا مقنعا وجاذبا، وللامر اسباب كثيرة، ما سيجعل الاحزاب، بعد 6 أيار، تدعوه الى الانكفاء لانه لا يحظى بأي غطاء شعبي فاعل.

الثنائي الشيعي لن يخسر في عديد اعضاء كتلتيه، ولا يعدّ الخرق في بعلبك – الهرمل، إن حصل، وهو مرجح الحصول بمقعد او اثنين، انتصارا كبيرا للقوى المعارضة لهيمنته، لان الرابحَين سيكونان مارونياً وسنياً، ما يجعل الحصة الشيعية مكتملة العدد مبدئيا، واي خرق لا يبدل في المعادلات السياسية القائمة التي تحكمها التفاهمات خارج مجلسي النواب والوزراء، وترتبط بالمصالح الاقليمية.

“كتلة لبنان القوي” التي ستكون اوسع من نواب “التيار الوطني الحر” ستكون جبهة موسعة للحلفاء الذين اشترط عليهم الوزير جبران باسيل للتحالف معهم الانضمام اليها. وقد سمعنا تصريحا للوزير طلال ارسلان في هذا الاطار، وشاهدنا فصولا في مهرجان “الفوروم” الاحد الماضي.


 حزب “القوات اللبنانية” المحاصَر من قوى شريكة له في السلطة وفي التفاهمات الحالية والسابقة، لن يكون إلا افضل من وضعه الحالي، وسيزيد عدد نوابه اثنين او ثلاثة حداً ادنى. وسيفاخر رئيس “القوات” بذلك اذ يخوض معاركه شبه وحيد، ولا منّة لأحد عليه في المقاعد.

الحزب التقدمي الاشتراكي ضمن لولي العهد تيمور جنبلاط دخول المجلس على رأس كتلة من تسعة او عشرة نواب، وهو عدد كاف لاحاطة الزعامة الجديدة ومدّها بالدعم. لكن النائب وليد جنبلاط يودّع بعض الرفاق بكلمات رقيقة تشير الى عدم رضاه على مسار الامور والتحالفات التي بدلت موقعه في المعادلة لا عديد كتلته.

يبقى كلام كثير يتناول تراجع “تيار المستقبل”. والواقع غير دقيق، لان المعادلة التي تتخطى عدد المقاعد، (وهو عدد لن يتراجع) ضمنت له دور الشريك الفاعل عبر الرئاسة الثالثة.

القانون الجديد مكَّن الاحزاب ومنع العمل السياسي من خارجها، وكاد يقضي على المستقلين والعائلات وحتى الزعامات التقليدية.