نشرت صحيفة فزغلياد الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن سوريا، التي تشهد مرحلة جديدة من حرب الأعصاب بين الولايات المتحدة وروسيا، بعد أن هددت واشنطن بقصف سوريا، لترد عليها هيئة الأركان العامة الروسية محذرة. ويثير هذا الأمر العديد من التساؤلات حول إمكانية قيام صراع مسلح حقيقي بين القوتين العسكريتين.
 

وقالت الصحيفة إنه ووفقا لرئيس هيئة الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف، "في حال كان هناك أي تهديد يستهدف حياة وأمن الجيش الروسي في سوريا، ستتخذ القوات المسلحة الروسية الإجراءات اللازمة ضد القوات الأميركية".

وأفادت الصحيفة بأن واشنطن تخطط لتنفيذ هجوم ضد القوات الحكومية في دمشق، بذريعة استخدام النظام للأسلحة الكيميائية. وأشار رئيس هيئة الأركان العامة الروسية إلى أن "دمشق تضم مكاتب ومرافق تابعة لوزارة الدفاع السورية، حيث يوجد مستشارون عسكريون روس، فضلا عن الشرطة العسكرية الروسية وممثلين روس عن مركز المصالحة بين الأطراف المتنازعة".

وذكرت الصحيفة أنه في السنة الماضية، أطلقت القوات البحرية الأميركية صواريخ كروز توماهوك على قاعدة الشعيرات السورية، إلا أن ذلك الهجوم لم يلحق الضرر بالجيش الروسي. وقد اتصل البنتاغون بوزارة الدفاع الروسية؛ للتأكد من عدم وجود عسكريين روس في القاعدة الجوية قبل تنفيذ الهجوم.

وأشارت الصحيفة إلى أن المبادئ التي يتبعها الجنرال غيراسيموف في سوريا هي ذاتها التي يتبناها الأميركيون. على سبيل المثال، يرسل كلا الجانبين قادتهما العسكريين إلى نقاط الدفاع الرئيسية لدى حلفائهم، على غرار القادة الروس في معسكرات الجيش السوري وقادة أميركا في معسكرات الأكراد.

وأفادت الصحيفة بأن من القواعد غير المعلنة لهذه الحرب أنه قبل كل غارة جوية، يتم إعلام الطرف الآخر. وفي حال وجود موظفين من أحد البلدين في النقطة المستهدفة، يتم إلغاء الهجوم. في الواقع، تبذل القوتان العسكريتان الكبريان في العالم قصارى جهدهما لتجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة.

وأكدت الصحيفة أن حرب الأعصاب الأميركية الروسية غير المكشوفة لا تزال مستمرة في جميع أنحاء سوريا. في الأثناء، لا ترغب كلا الدولتين في فقدان مكانتها في المنطقة، إلا أنهما في الوقت ذاته لا تريدان إثارة حرب عالمية ثالثة دون قصد.

وبينت الصحيفة أن تحذير الجنرال غيراسيموف بأن أي هجوم ضد دمشق من قبل واشنطن، سيترتب عليه رد عسكري من موسكو. وبالتالي، أعلنت روسيا أن دمشق منطقة محظورة أمام البنتاغون. ومن المستحيل توجيه صاروخ واحد ضد دمشق دون المخاطرة بالمساس بالجيش الروسي. من ناحيتها، لم تكشف الممثلة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هالي، عن أهداف واشنطن الفعلية من وراء هذه الهجمات، حيث لم يتم التطرق مطلقا إلى دمشق. لكن يبدو أن غيراسيموف اعتمد على ذكائه الخاص.

وأضافت الصحيفة، وفقا لمحرر في صحيفة "أرسنال أوتشيستفا"، أليكساي ليونكوف، أنه وبالإضافة إلى دمشق، يعتبر الأميركيون حلب والعديد من المطارات الأخرى، حيث يتمركز سلاح الجو السوري، أهدافا لهم. ويفسر هذا الأمر السبب وراء وجود المستشارين العسكريين الروس على اعتبارهم دروعا بشرية في هذه المناطق. ولكن في أجزاء أخرى من سوريا، سيظل البنتاغون قادرا على ضرب القوات الحكومية السورية.

وأوردت الصحيفة أن واشنطن قد تعتمد سياسة الخداع مرة أخرى، وذلك وفقا لمديرة معهد الدراسات الاستراتيجية، إلينا سوبونينا. وأوضحت سبونينا أن "مثل هذه التصرفات غير المسؤولة من جانب ترامب، خاصة ما حدث في نيسان 2017، كانت مفاجأة آنذاك. في المقابل، وفي الوقت الراهن، تبدو السلطات السورية إلى جانب حلفائها، بما في ذلك روسيا، على استعداد للرد".

وأكدت الصحيفة أن الدفاع الجوي السوري سيكون مستعدا لصد أي هجوم. وبالتالي، وحتى إذا قرر الأميركيون استفزاز دمشق لن يتزعزع الوضع ليتحول إلى حملة عسكرية واسعة، خاصة أنه ليس لدى واشنطن خطة عمل واضحة.

وأفادت الصحيفة بأنه وفقا لمعلومات مؤكدة، جمعت مكالمة هاتفية الجنرال الروسي، غيراسيموف بنظيره الأميركي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد، ناقشا من خلالها الوضع في شرق الغوطة. ولكن، من غير المعروف ما إذا تمكنوا من إيجاد حل وسط.

وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن وزارة الدفاع الروسية ذكرت أن الجنرالين قبلا استمرار الاتصالات الثنائية. ولكن، تشير تصريحات الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إلى أن مستوى التفاعل الحقيقي بين القيادة العسكرية الروسية والأميركية في مستوى مختلف عما يظهر للعموم.