شهد عام ١٩٩٢ تحولاً استراتيجياً في تاريخ شيعة لبنان، فبعد سيطرة العائلات الاقطاعية من جبل عامل جنوباً الى بعلبك الهرمل بقاعاً على المشهد السياسي الداخلي للطائفة اتت انتخابات ذلك العام لتعكس صورة هذا التحول من خلال فوز  القطبين الشيعيين الذين سميا لاحقاً بالثنائية الشيعية بمعظم مقاعد الطائفة في المجلس النيابي.
ان هذا التحول بدا حينذاك نهايةً لمرحلة عصيبة من السيطرة على القرار الاحادي للاقطاع وبدايةً لحقبة الدخول الشيعي في اللعبة السياسية عبر القطبين وكان لهذا التحول رؤى تفائلية في تغير الواقع .
مع مرور السنين ووضوح الرؤية وتبلور الامور بدا جلياً الانتقال من السئ الى الاسوأ بحيث سيطرة الثنائية على مرافق الدولة لناحية ان كل صوت شيعي معارض لا مكان له في الافق السياسي ولا مكان له في اي من مؤسسات الدولة واداراتها المدنية والعسكرية وصولاً الى محاربته حتى في بعض مؤسسات القطاع الخاص . 
اما الخدمات فهي كانت ولا زالت خلال الاعوام الستة وعشرون في خبر كان ،وبالنسبة للانماء فحدث ولا حرج بينما وظائف الفئة الاولى فهي حكرٌ لابنائهم ووظائف باقي الفئات فهي لابناء حاشيتهم فقط لا غير . 
تأتي هذه السيطرة على الصوت الشيعي من خلال شد العصب الطائفي والخطابات الرنانة والوعود الانمائية والخدماتية الوهمية فضلاً عن الاحتكار الحصري للقرار منذ اوائل التسعينيات والقضم العلني على مفاصل الدولة .
بداً جلياً اليوم وبعد كل تلك الاعوام ان هذين القطبين ليسا سوى ثنائي هدر وفساد ومحاصصة فحولا الجمهورية الى شركة تقاسما الاسهم فيها وتوارثا على ادارتها.
يتطلع المواطن الشيعي اليوم الى افق سياسي واسع يرفع فيه الصوت عالياً بوجه التضليل الفكري الممنهج كما يرى ان  لا مستقبل لهذه الطائفة الا من خلال مبدأ العبور الى الدولة عبر  جمهورية مدنية بعيدة كل البعد عن الاصطفافات الطائفية في الزواريب الضيقة.
وهنا يطرح المثقفون الشيعة اشكاليتهم، الى متى هذه الهيلمة والهيمنة على قرار طائفة بأكملها؟

(محمد ديب عثمان)