لم يعد مفاجئاً اعلان تحالفات بين قوى سياسية كانت حتى الأمس القريب تتواجه في أكثر من ملف. تراجعت العناوين السياسية الكبرى على مقلبي 8 و14 أذار، بعد التسوية السياسية التي طبخت في 2017 وأنجزت انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، وهي الحكومة التي صمدت وتجاوزت أزمة استقالة الحريري بتسوية النأي بالنفس.

بدات تظهر التحالفات الإنتخابية على أكثر من محور، وآخرها ما أعلن عن التحالف بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي في دائرتي الشوف – عاليه وبعبدا في الجبل وفي البقاع الغربي وراشيا وغيرها إذا لم يستكمل الاتفاق مع التيار الوطني الحر، ما يعيد بعض النبض لما شهدناه من تحالف سيادي في عام 2009، لكنه يظهر بعناوين مختلفة غير تلك التي نشأت عليها قوى 14 أذار. وإلى أن يحين اعلان التحالف رسمياً ينبغي برأي مصادر سياسية متابعة تذليل العديد من العقبات التي لا تزال تفرض نفسها، خصوصاً بين الإشتراكي والقوات، والمستقبل والإشتراكي أيضاً على أكثر من ضفة ومجال، إذ أن الأيام المقبلة ستبين حدود التحالف في الدوائر التي لهم حضور فاعل فيها.

وفيما أعلن وزير الثقافة غطاس خوري بعد لقائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب انهما سيخوضان غمار استحقاق 6 ايار معاً في دائرتي الشوف – عاليه وبعبدا الى جانب الحزب التقدمي الاشتراكي، على ان تُترك تفاصيل دوائر اخرى الى اللقاء المُرتقب بين وزير الاعلام ملحم رياشي والرئيس سعد الحريري لنقل “جواب” القوات على عروض “التيار”، فإن الامور غير محسومة نهائياً بعد وفق المصادر، في انتظار أن يعلن رئيس الحكومة سعد الحريري الموقف النهائي بعد الاتفاق على الأسماء التي ستخوض الاستحقاق، علماً أن القوات والتيار الوطني الحر قد يتحالفان في أكثر من دائرة. وقال خوري “انه عرض على جعجع الإمكانات المتوافرة للتحالف وننتظر جوابه، كما اننا عرضنا إمكانية التحالف بين “القوات” والتيار الوطني الحر و”المستقبل” في بعض الدوائر”.

وبينما يعلن تيار المستقبل عن أسماء مرشحيه للإنتخابات الأحد، إلا ان إعلان اللوائح والتحالفات الانتخابية قد يأخذ وقتاً، خصوصاً أن مختلف التيارات والقوى قد رشحت أسماء عدة في الدوائر الـ15، ما يعني أن التحالفات ستؤدي الى سحب بعض المرشحين، حيث يستعد الرئيس سعد الحريري الى اعلان أسماء مرشحي المستقبل في احتفال البيال الأحد وإلقاء كلمة سياسية للمناسبة. وتقول المصادر أن الحريري أعاد تعزيز وضع تياره في مختلف الدوائر، خصوصاً في الشمال الذي بدا انه القوة الأساسية السنية التي تخوض الانتخابات، وهو الذي يستقطب التحالفات اليوم بعدما كان إلى الأمس في وضع صعب أمام منافسي تياره، سنياً ومن الطوائف الأخرى. وبعد اعلان الأسماء تبدأ المرحلة الجديدة من البحث في صيغة تشكيل اللوائح بعد إنجاز الاتفاقات مع القوى في مختلف الدوائر. وقالت المصادر أن الرئيس الحريري مضطر لأن يقوم بجولات انتخابية في مختلف المناطق لحض مناصريه على المشاركة في الانتخابات والاقتراع في 6 أيار المقبل.

على المقلب الآخر، بدا أن حزب الله مرتاح أكثر من غيره من القوى، لجهة تقسيم الدوائر، حيث يضمن وفق المصادر الفوز بأكثرية أسماء لوائحه، خصوصاً في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة ودائرة بعلبك مع حركة أمل. وبدا أن الافتراق الانتخابي مع التيار الوطني الحر قد أصبح واقعاً، إذ يتجه الاخير الى نسج تحالفات مع “القوات والمستقبل في أكثر من دائرة، إلى خوض معركته في المناطق التي تقترع فيها الغالبية المسيحية. وقد اعتبر عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب آلان عون في حديث، أنه من الطبيعي ان تظهر التعقيدات الانتخابية كلما اقتربت مرحلة الحسم، مشيراً الى أن “هذه التعقيدات إنتخابية وليس لها علاقة بالسياسة.

وأشار الى أن الإختلاف في وجهات النظر مع حزب الله محصور فقط بالملف الإنتخابي، معتبراً أن “أضرار” الترشيحات والتحالفات تؤدي دائماً الى تصدّعات معينة حتى ضمن الحزب الواحد، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لها انعكاسات على العلاقة ما بين الأحزاب، لكن هذا لا يغيّر شيئاً في الواقع الفعلي للعلاقة، إذ ليس لها أي بُعد سياسي.

أبعد القانون الانتخابي أفرقاءً وقرّب آخرين، لكن ما تفتقده الانتخابات هو العناوين السياسية التي أدت الى اصطفافات بين القوى طوال السنوات العشر الماضية. أما انتخابات اليوم فتبدو لدى البعض مسألة حسابية، فيما الصوت التفضيلي يحسم الأكثرية لهذه القوة أو تلك.