المعارضة تستجمع صفوفها.. والغرب يكتفي بالتنديد
 

حقق النظام تقدما في الغوطة بعد اعتماد سياسة الارض المحروقة  جراء غارات جوية روسية وسورية وقصف مدفعي وصاروخي على مواقع مدنية في الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق اوقع امس 39 مدنيا على الأقل وإصابة آخرين، فيما اكتفى الغرب ببيانات التنديد مطالبا روسيا بالضغط على النظام لوقف هجومه والالتزام بالهدنة. 
واستأنفت طائرات روسيا والنظام السوري قصف غوطة دمشق الشرقية  فور انتهاء هدنة الساعات الخمس، وحققت قوات النظام تقدما على حساب المعارضة في الغوطة، بينما قالت مصادر بالمعارضة إن الفصائل قتلت أكثر من مئة جندي للنظام.
وباتت قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها تسيطر على أكثر من 25 في المئة من منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق بعد تقدمه على جبهات عدة امس في مواجهة الفصائل المعارضة، في حين أعلنت الأمم المتحدة نيتها إرسال مساعدات اليوم إلى هذه المنطقة التي تشهد أزمة إنسانية حادة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «قوات النظام تتقدم من الجهة الشرقية ووصلت إلى وسط الغوطة، وهي تبعد حالياً حوالى ثلاثة كيلومترات عن دوما» ابرز مدن هذه المنطقة المحاصرة، وباتت على اطراف بلدة بيت سوى. 
ويعود هذا التقدم، وفق قوله، إلى «كون العمليات العسكرية تجري بشكل أساسي في مناطق زراعية، فضلاً عن التمهيد الجوي العنيف».
وأوضح عبد الرحمن أن «القصف الجوي يتركز على مناطق تسعى قوات النظام للتقدم فيها مثل بلدتي بيت سوى ومسرابا». 
ووثق المرصد امس مقتل ستة مدنيين جراء القصف على مناطق عدة بينها مسرابا وبيت سوى ودوما. 
وامام تقدم قوات النظام، نزح وفق المرصد أكثر من ألفي شخص باتجاه مناطق تسيطر عليها الفصائل المعارضة. 
وفي بيت سوى، مواطنين ينزحون من منازلهم.  وسار هؤلاء بين الركام، واستقل بعضهم دراجات نارية، ومنهم من وضع حاجياته على شاحنات في حين لم يجد آخرون سوى عربات لنقل حاجياتهم. 
وقال أبو خليل (35 عاماً) الذي فرّ من بيت سوى مع عائلته «الناس كلها في الطرق كأنه يوم الحشر».
وكان يحمل طفلته المصابة في وجهها وقد ملأه الغبار الناتج من قصف استهدف مبنى كان يأوي 14 فرداً من عائلته. 
واضاف «أنقذنا الله من القصف، وأخرجنا الدفاع المدني من تحت الردم (...) هناك عائلات كثيرة بقيت تحت الردم». 
وفي دوما، قال بشير (25 عاماً) «الملاجئ لم تعد تتسع، لا يمكنها ان تتسع للناس الذين نزحوا من مساحات شاسعة سيطر عليها النظام (...) بل أحرقها لتصبح غير صالحة للسكن». 
وفي أول تعليق رسمي، نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري أن «وحدات الجيش تقدمت على أكثر من اتجاه». 
وفي المقابل، ذكر متحدث باسم جماعة جيش الإسلام حمزة بيرقدار أن قوات المعارضة اضطرت للتقهقر في الغوطة الشرقية «بعد اتباع النظام سياسة الأرض المحروقة».
وتعهد المتحدث باسم الجماعة حمزة بيرقدار في رسالة صوتية بطرد القوات الحكومية من الأرض التي سيطرت عليها في الغوطة، آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق.
وأضاف أن قوات المعارضة قامت «بإعادة الصفوف وترتيبها وتحصين المواقع من جديد لمواجهة» القوات الحكومية في الغوطة الشرقية.
وقال تلفزيون أورينت، الذي يدعم معارضي الأسد، إن تقدم القوات الموالية للحكومة تسبب في حركة نزوح واسعة.
وأفاد شاهد بأن الآلاف يفرون ويسعون للاحتماء في مناطق بعيدا عن خطوط القتال.
وقدر المرصد أن ما بين 300 و400 أسرة فرت، مضيفا أن القصف الحكومي تركز على بلدة مسرابا.
 ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن الجيش الروسي قوله إن المتشددين في الغوطة الشرقية فرضوا حظر تجول في المناطق الخاضعة لسيطرتهم لمنع مغادرة المدنيين من خلال ممر إنساني خلال الهدنة. ونفى مسؤولون في المعارضة بشدة منعهم المدنيين من المغادرة.
مساعدات قريباً  
وتسبب حصار الغوطة الشرقية بنقص كبير في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية. وكان السكان يعتمدون على مساعدات دولية تصلهم بشكل متقطع وعلى زراعات محلية أو يأتون بالمواد الغذائية عبر التهريب. 
وزاد التصعيد الأخير من معاناة نحو 400 ألف مدني في المنطقة، حيث تواجه الكوادر الطبية أيضاً نقصاً في الأدوية والمستلزمات الطبية مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات. 
وبعد طول انتظار، أعلنت الأمم المتحدة امس أنها تنوي إرسال قافلة مساعدات الإثنين إلى الغوطة الشرقية مؤلفة من «46 شاحنة تقل حاجات طبية وغذائية، فضلاً عن طعام لـ27500 شخص ممن هم بحاجة اليه».
وحصلت الأمم المتحدة، وفق ما جاء في بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، على موافقة لإدخال مساعدات لـ70 ألف شخص، وتلقت ضمانات «لإرسال ما تبقى من إمدادات في الثامن من أذار».
وقال بانوس مومسيس منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا إن العنف تصاعد في الغوطة الشرقية وأشار أيضا إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين في إطلاق قذائف مورتر على دمشق.
وأضاف مومسيس في بيان «بدلا من توقف مطلوب بشدة ما زلنا نرى المزيد من القتال والمزيد من الموت والمزيد من التقارير المزعجة عن الجوع وقصف المستشفيات. إن هذا العقاب الجماعي للمدنيين غير مقبول بالمرة».
وأبلغ مسؤول بالأمم المتحدة في سوريا إن قافلة إغاثة لن تدخل الغوطة الشرقية امس كما كان مقررا، مرجعا ذلك إلى عدم سماح السلطات السورية لها.
مناشدات دولية
وامام هذه التطورات الميدانية المتسارعة، طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس خلال اتصال هاتفي بنظيره الايراني حسن روحاني «ممارسة الضغوط الضرورية» على دمشق لوقف الهجمات على الغوطة الشرقية.
وحملت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي والرئيس الأميركي دونالد ترامب في اتصال هاتفي دمشق وموسكو مسؤولية «المعاناة» في الغوطة. 
وتشاورت ماي وترامب هاتفيا أمس. وقالت رئاسة الحكومة البريطانية في بيان انهما «بحثا (الازمة في) سوريا والوضع الانساني المرعب في الغوطة الشرقية. وتوافقا على اعتبار ذلك كارثة انسانية وعلى ان النظام السوري وروسيا، بوصفها الداعم الرئيسي للنظام، يتحملان كامل المسؤولية عن المعاناة الانسانية الرهيبة». 
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طلب أمس خلال اتصال هاتفي بنظيره الايراني حسن روحاني «ممارسة الضغوط الضرورية» على النظام السوري لوقف الهجمات على السكان في الغوطة الشرقية المحاصرة، بحسب ما اعلن الاليزيه.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد أن العملية العسكرية «يجب ان تستمر» في الغوطة.
وقال الأسد في تصريحات لصحافيين نقلها التلفزيون الرسمي «يجب أن نستمر في العملية بالتوازي مع فتح المجال أمام المواطنين للخروج».
واضاف «طالما ان هناك أشخاص ونعتقد أنهم الأغلبية في الغوطة الشرقية الذين يريدون ان يخرجوا من تحت كنف الارهابيين لحضن الدولة يجب ان يكون هناط هدنة»، مضيفاً «وفي نفس الوقت لا يوجد اي تعارض بين الهدنة وبين الأعمال القتالية، فالتقدم الذي تم تحقيقه أمس وأول من أمس في الغوطة من قبل الجيش العربي السوري تم في ظل هذه الهدنة».