مصير 400 ألف سوري عالقين الآن في الغوطة الشرقية في ضاحية دمشق، سيكون تماما كمصير “الايتام على موائد اللئام” كما يقول المثل السائر. هؤلاء الايتام الـ 400 ألف بعدما فقدوا آباء وأمهات الرحمة في كل مكان، هم الآن طبق على مائدة اثنين من أكثر المسؤولين قسوة في تاريخ العالم المعاصر: المرشد الايراني والقيصر الروسي. أما رئيس النظام السوري الفاقد لأي شرعية أخلاقية، فهو قرب المائدة يلتهم مَن يتساقط من ضحايا من فوقها متمتعاً بالدماء التي تغطي وجهه الكريه.

 

المسؤولية تقع بالطبع على هؤلاء القساة وأدواتهم في المنطقة، لاسيما في لبنان، كما تقع على كل متخاذل أمام هذه البربرية التي يندى لها جبين الانسانية. وفيما تحدد صحيفة “النيويورك تايمس” هؤلاء المتخاذلين بـ”قادة الولايات المتحدة الاميركية وسائر العالم” صارخة بوجههم “العار عليكم”، فإن لائحة التخاذل تشمل كل مَن يقف متفرجاً على قوافل القتلة تنتقل الى تخوم الغوطة لممارسة دورها في افتراس أهلها، ومن بينها قوافل “حزب الله”.

 

وفيما تمثل هذه المنطقة المنكوبة آخر معاقل المعارضة السورية بشتى تلاوينها وينتظرها مصير مماثل لشقيقتها حلب المدينة المهمة جدا في تاريخ المنطقة، بات واضحاً ان قطيع الموت الذي يقوده الولي الفقيه الايراني والقيصر الروسي يريد ان يفرض بالدماء والدمار سيطرته على ما يسمى “سوريا المفيدة” من خلال تطهيرٍ عرقي بامتياز بدأه بصلافة “حزب الله” قبل أعوام في منطقة القصير قرب الحدود مع لبنان في منطقة الهرمل.

 


تحت عنوان “مَن يقاتل في الغوطة الشرقية”، قالت الـ “بي بي سي” على موقعها الالكتروني: “تشير التقارير إلى أن أهم فصيلين يسيطران على الغوطة الشرقية هما “جيش الاسلام” و”فيلق الرحمن”… ويرى المراقبون ان جيش الاسلام يواجه معركة وجود وتتقلص الخيارات أمامه وتنحصر بين الابادة مع كلفة بشرية هائلة بين قواته وفي صفوف آلاف المدنيين المحاصرين ايضا في الغوطة الشرقية، أو قبول الخروج بشرط الخصم…”.

 

يقول احد محللي وكالة “تسنيم” الايرانية للانباء أنه “أصبح لا بدّ من الحسم العسكري… إن مسلحي الغوطة الشرقية مرتبطون بأجندة سعودية – قطرية ويتلقون الأوامر من الكيان الصهيوني”. وتنشر صحيفة “كيهان” الناطقة بلسان المحافظين في إيران مقالا يقول فيه كاتبه: “ان انهيار الارهاب في الغوطة الشرقية سيشكل ضربة قاسية للداعمين الاساسيين له، خصوصاً واشنطن والرياض وتل أبيب…”.

 

هذا في طهران، أما في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيقول موقع “العهد” الالكتروني التابع لـ”حزب الله” بالحرف: “اعتادت دمشق عشية كل عمل عسكري يبدو قطافه الميداني دانياً بالنسبة الى الجيش السوري، حدثاً دموياً أو مسرحية كيماوية تسفر عن سقوط ضحايا من نساء وأطفال في الجغرافيا التي يتقدم فيها الجيش…”. وهكذا، بحسب هذا الموقع وما يمثله، فإن كل ما يجري في الغوطة هو “مسرحية”! وبهذا التوصيف صار مؤكداً أن قطيع القتل لن يرتدع!