نشرت صحيفة غارديان مقالا للمعلق سايمون تيسدال، يتساءل فيه عن عدد الأطفال الذين سيقتلون في الغوطة الشرقية، قبل أن يتحرك العالم لينقذهم من القصف الجوي والمدفعي والبراميل المتفجرة
 

ويقارن تيسدال بين مصير مسلمي البلدة البوسنية سربرينتشا، الذين صمت العالم على قتلهم على يدّ "مليشيا العقارب" و"قوات صرب البوسنة" والجنرال راتكو ميلاديتش، والغوطة الشرقية.

ورأى الكاتب أن "مع كل طفل يموت ومع كل عمل وحشي يمضي بلا عقاب تبدو الغوطة الشرقية مثل الجريمة التي وصفها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بأنها أسوأ جريمة ارتكبت على الأراضي الأوروبية منذ عام 1945".

ويضيف تيسدال إن "سربرينتشا مثل الغوطة، لم تكن تبعد إلا قليلا عن سراييفو، وتعرضت للحصار مثل الغوطة، التي فرض عليها الحصار منذ بداية الحرب عام 2011".

ويشير الكاتب إلى أن "الغوطة مثل سربرينتشا، فإن النظام منع وصول المواد الغذائية والطبية عنها، وفي عام 1993 اعتبرت الأمم المتحدة سبرينتشا (منطقة آمنة)، تماما كما تم اعتبار الغوطة العام الماضي بأنها منطقة (خفض توتر)".

ويقول تيسدال: "لم يفد هذا لا سربرينتشا أو الغوطة، ولم يحاول أحد حمايتها عندما قام النظام في كانون الأول بالقصف الجوي والمدفعي، حيث أن القوى الكبرى والإقليمية منشغلة بدلا من ذلك في تشكيل حصتها من روسيا بعد الحرب، وتتنافس على جثث نصف مليون سوري أو أكثر قتلوا في الحرب".

ويجد الكاتب أن "إدارة دونالد ترامب تريد الحد من تأثير إيران وطموحها لبناء جسر بري من أراضيها إلى البحر المتوسط، أو "هلال شيعي" من هيرات في أفغانستان إلى سهل البقاع في لبنان، وتريد تركيا سحق الأكراد، ويتعامل فلاديمير بوتين مع سوريا على أنها ساحة للقوة".

ويلفت المعلق إلى أن "بالنسبة لأهل الغوطة الشرقية فإن الأمر كله يتعلق بالبقاء والنجاة، ذلك أن عددا قياسيا منهم ماتوا خلال الـ 36 ساعة الماضية، حيث يزيد عدد القتلى منذ عام 2011 على الآلاف، والحصيلة الأخيرة تزيد على 200 قتيل ومئات الجرحى".

ويبين تيسدال أنه "كما حدث في سبرينتشا، فإنه تم ذبح وقتل حوالي 8 آلاف مسلم، رجلا وطفلا وعلى مدى أيام قليلة، وتعرض ما بين 25 ألفا إلى 30 ألفا من النساء والأطفال والرجال العجزة البوسنيين للانتهاك والتشريد، واعتبرت المحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة أن هذه العمليات تشكل جرائم إبادة".

ويفيد الكاتب بأن "العالم جلس في ذلك الوقت وراقب الجنرال راتكو ميلاديتش والجيش الصربي البوسني و"مليشيات العقارب" وقريبا من قوات حفظ السلام الهولندية، وكان العالم يعلم ماذا سيقوم به ميلاديتش وأن القتل محتوم، لكنه فضل أن ينظر للجهة الأخرى".

ويقول تيسدال إن "العالم يعلم بمعاناة الغوطة الشرقية، حيث كانت مسرحا للحادث سيئ السمعة عام 2013، عندما استخدم النظام غاز السارين ضد سكانه، وقتل أكثر من ألف رجل وطفل وامرأة، ومرة أخرى ترفض الدول الغربية، التي نشرت قواتها في البلد التدخل، فيما تبدو الأمم المتحدة عاجزة، ولم يعد مجلس الأمن مهما بسبب الفيتو الروسي".

ويورد الكاتب نقلا عن زيدون الزعبي من الاتحاد المستقل للرعاية الطبية ومنظمات الإغاثة، قوله:"قد يكون هذا أسوأ الهجمات في تاريخ سوريا، وحتى أسوأ من حصار حلب.. إن استهداف المدنيين وقتلهم وبشكل منظم وممنهج هو جريمة حرب، وعلى المجتمع الدولي التدخل ووقفها".

ويرى تيسدال أن "الرئيس السوري بشار الأسد يبدو في الوقت الحالي مثل ميلاديتش عام 1995، غير مهتم بالمنطقة، أو الضغط من الخارج، فالأدلة التي تدين الأسد بجرائم حرب كثيرة، ولم يتم حتى الآن توجيه أي إدانة له".

ويخلص الكاتب إلى القول: "إن الغوطة الشرقية اليوم مثل سبرينتشا عام 1995، ترتكب جرائم فظيعة وتشكل إبادة جماعية، وفي تشرين الثاني حكم أخيرا على ميلاديتش بالإبادة في لاهاي، واستغرق ذلك 22 عاما، فكم عدد الأطفال الذين سيقتلون قبل تحقيق العدالة في سوريا؟".