لمدينة بعلبك هاجسها الخاص في ما يخص الاستحقاق الانتخابي المقرر في السادس من أيار المقبل، والذي يشكل محطة أساسية في سياق إعادة تشكيل السلطة.  

أياً تكن الأسباب، فقد شعرت بعلبك بأنها الوحيدة التي لم تتغير منذ أيام الانتداب الفرنسي وأولوياتها لم تتبدل، وما زال حلمها الوحيد هو من ينتشلها من الفلتان الامني الذي تعيشه ومتى ستنعم وينعم أهلها وقاطنوها بالأمن والأمان؟

أي انتخابات نيابية تنتظرها بعلبك؟ وأي وعود تقدم والتي أخلفها الزمن مراراً مرغماً؟ فلا يمر يوم إلا ويتصدر مشهد انهمار الرصاص والقذائف العشوائية على رؤوس أهلها وممتلكاتهم، وتدق ساعة انطلاق المعركة الحربية الطاحنة التي يدور رحاها مع كل مغيب شمس أو منتصف ليل أو مطلع فجر جديد يقودها بعض من المطلوبين أو المشاكسين.

هل تساءل المسؤولين ومنهم النواب الحاليون عن الخوف الذي يعيشه الأطفال والنساء من أزيز الرصاص الطائش، وعن الغضب الذي يلازم الرجال شيباً وشباناً جراء الرصاص الأعمى اثر الهجمات المسلحة المتبادلة والمتنقلة بين الأحياء وداخل أزقة المدينة.

لا يمكن القول بعد اليوم إن هذه المعاناة التي يعانيها المواطن البعلبكي هي من نتاج بعض المطلوبين القلة الخارجين على القانون، بل يصح القول إنها نتيجة إهمال الكثير من المسؤولين (أعدادهم أضعاف هؤلاء المطلوبين) غير آبهين بما يقض مضاجع أهلهم صغاراً وكباراً.

بالرغم من السنين الطويلة التي مرّت على المدينة، لم يتغيّر شيء من الواقع الأمني المتردي كأنه يراد لمحافظة بعلبك - الهرمل أن تبقى رهينة للبعض وواقعة تحت وضع اقتصادي متردٍ حتى الوضع السياحي في حال من التدهور وبات زوار قلعة بعلبك الأثرية يحصون بالعدد.

ما ذكر أعلاه لن يلاقي استحساناً من المعنيبن في المدينة امام تراخيهم في تحمل مسؤولياتهم، ولكن للأسف هذا لسان حال الأهالي فكيف لـعشرات الأحداث الأمنية وآلاف العيارات النارية والقذائف الصاروخية تنتهي من دون توقيف مطلق أو متسبّب؟ وتكتفي القوى الامنية بمعاينة الأضرار أو كشف نوع الأسلحة المستخدمة وعيارها اللذين يتغيران بين حين وآخر.

من هنا تداعى المجتمع المدني وتجمع شابات وشبان بعلبك الى عقد اجتماع ورفع الصوت أمام الحال الذي وصلت اليه المدينة وصدر عن الاجتماع بيان جاء فيه: "باسم بعلبك وباسم عائلاتها وعشائرها وأحزابها وتياراتها وحركاتها وقواها السياسية وفاعلياتها وأبنائها وأطفالها،

باسم كل الغيورين والمحبين والمتمسكين بأمن هذه المدينة نرفع الصوت بحناجر صارخة وبقلوبٍ كلّها الاضطراب وعلت النبضات،

بعلبك ليست ميدان رعب وقلق وفلتان

بعلبك ليست ساحة معارك وتصفية حسابات

بعلبك ليست ميدان حرب وساحة خلافات

بعلبك ليست مطلق رصاص وقذائف

بعلبك ليست للعابثين والمخلين بأمنها وسلامها

أين الدولة، أين القوى الأمنية، لماذا لا يقومون بواجبهم حيث يتطلب الواجب؟

أين الدولة بفرض هيبتها ومحاسبتها بحلّ الأمن وفرض سيطرتها وتوقيف كلٍّ من يعبث ويخل بأمن هذه المدينة ويدب حالة الرعب والهلع عند قاطنيها؟

أين الدولة بملاحقة المخلين والعابثين بالأمن والقانون؟ يشوّهون صورة مدينتنا لا بل يضربون مصالحها وأشغالها ويعطلون حركتها التجارية والسياحية والإعلامية...

أين الدولة، وأين خطتها الأمنية الغائبة تماماً عن مدينتنا؟ أين دورها، أين سلطتها، أين قواها الأمنية والعسكرية واليد الحديد؟

إنّ المخلين والعابثين بالأمن في مدينتنا جزءٌ من العائلات والعشائر المنبوذين من عائلاتهم وعشائرهم وأحزابهم وحركاتهم وتياراتهم.

من أجل مدينتنا ومن أجلي وأجلك أدعو كل من تهمّه مدينته وخائف على عائلته وأولاده ورزقه وحرّيته لوقفة مشرّفة متضامنة نطالب برفع الصوت عالياً لأمننا وحياتنا ومستقبل أبنائنا

من أجل إنماء منطقتنا، من أجل الحرمان، من أجل الأمن والأمان.

نطالب المجتمع المدني والأحزاب ورجال الدين وأصحاب الضمائر الحرّة بوقفة تضامنية يداً بيد ورفع الصوت عالياً باعتصامٍ سلمي وحضاري بوجه كل من يلحق المدينة من ضرر وشغب

فمن رحم الوجع تولد الحريات والمطالب".