أشار الأمين العام ل​جامعة الدول العربية​، ​أحمد أبو الغيط​ إلى أن "الأزمات العربية، وإن بدت منفصلة جغرافيا، ومتباينة، ينتظمها خيط جامع، وتوحدها عناصر مشتركة، فالأغلبية الكاسحة من هذه الأزمات نتاج مباشر لظاهرة "الفراغ الاستراتيجي"، التي نشأت عن أحداث 2011 وما تلاها"، لافتاً إلى أن "​زلزال​ 2011 ضرب المنطقة في وقت لم يكن فيه النظام العربي في أفضل أحواله، بل كان – ولا مهرب من الاعتراف بهذا - منقسما على ذاته بين محاور مختلفة وتتجاذبه تيارات متباينة، اختار البعض أن يصنفها بـ"الاعتدال والممانعة".

ولفت إلى أن "العرب لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام واقع الفوضى والتشرذم، إذ تشكل إدراك واسع بين القيادات والشعوب العربية لضرورة استعادة زمام المبادرة وتكوين جبهة عربية لمواجهة أخطر التحديات التي تواجه الدولة، وأن مواجهته تتطلب شمولا في الرؤية ووحدة في التحرك وتنسيقا في العمل بين الدول العربية"، مشيراً إلى أنه "برغم توفر قدر أكبر من التوافق بين الدول العربية الرئيسية في تعيين التهديدات المشتركة، وبرغم ما تحقق على صعيد مواجهة بعض من هذه التهديدات الخطيرة وعلى رأسها خطر ​تنظيم داعش​، الذي جرى دحره في المدن التي كان يسيطر عليها، إلا أنه لا يمكن القول بأن ثمة "استراتيجية موحدة" للتعامل مع التهديدات، أو أن هناك أجندة واضحة، تشترك فيها الدول العربية جميعا وتجمع عليها، لمواجهة المخاطر والتحديات".

وأفاد أنه "كان من نتيجة هذا الوضع المؤسف غياب أي نقاش جماعي جدي للقضايا الاستراتيجية العربية في سياقها الشامل"، مشيراً إلى أن "​الأمن​ القومي العربي ما زال يجري التعامل معه بمنطق التجزئة إلى ملفات، فهناك ملف ل​مكافحة الإرهاب​، وآخر لاستمرار "الاحتلال الإسرائيلي"، وثالث للخطر الإيراني، ورابع للأطماع التركية، وخامس لأزمات ​اللاجئين​ وإعادة الإعمار وهكذا"، مشيراً إلى أن "الخصوم الإقليميون يوظفون هذا الوضع لصالحهم، وينفذون من ثغرات في الجسد العربي. ولا أرى سبيلا للتصدي للتدخلات الإقليمية بصورة فعالة، إلا عبر مناقشة هذه التدخلات والتهديدات جميعها كملف واحد متكامل".

وأضاف أبو الغيط "التعامل الناجع مع التهديدات الإقليمية، والأطماع المحدقة ب​العالم العربي​، يكون بسد الثغرات التي نفذ منها الطامعون، وتجسير الفجوات التي تسلل من خلالها الطامحون"، لافتاً إلى أن "المشهد العربي، كما أراه في شموله، ليس كله خرابا وإحباطا وثمة دلائل وإشارات، هنا وهناك، على توفر الإرادة لدى الكثير من القيادات والنخب والشعوب على الخروج من "المأزق الحضاري"، الذي نعيشه، ونكابد تبعاته المرة".

وشدد على أن "حوارا صريحا بين الدول العربية حول الأزمات والتهديدات، داخلية كانت أم إقليمية أم دولية، هو السبيل الوحيد لتشكيل موقف موحد وصلب يضع العرب في موضع القوة إزاء الآخرين من الطامحين والطامعين".