الثابت الأساسي في الانتخابات النيابية المقبلة هو استمرار «التحالف الثنائي والاستراتيجي بين حركة أمل وحزب الله»، فهذا التحالف سيتواصل في الانتخابات في كل المناطق والدوائر، لكن بالمقابل فإن علاقة كل طرف مع بقية الحلفاء والقوى السياسية لن يخضع لقاعدة التحالف الثنآئي، فالخلافات بين حركة أمل والتيار الوطني الحر تتصاعد، ما يُخرج الحركة من أي تحالف سياسي أو انتخابي مع التيار، وبالمقابل فإن علاقة الحركة مع القوى السياسية والحزبية الأخرى وامكانية تحالفها معها لن يُلزم بالضرورة حزب الله.
فكيف ستكون طبيعة التحالفات التي ستنسجها حركة أمل وحزب الله في الانتخابات المقبلة؟ وهل سنشهد تغييرات في أسماء المرشحين لدى الطرفين؟ وأين سيخوض الطرفين معارك انتخابية قوية؟ وماذا عن التوقعات الأولية لنتائج الانتخابات؟
خريطة تحالفات أمل وحزب الله
بداية ما هي طبيعة التحالفات التي سينسجها الثنائي حركة أمل وحزب الله؟ وماذا عن المرشحين المتوقعين للطرفين في مختلف الدوائر؟
الأوساط المطلعة على أجواء حركة أمل وحزب الله تؤكد «أن التحالف الثنائي بين الطرفين هو الثابت الوحيد في المعركة الانتخابية المقبلة حتى الآن»، فالمسؤولون من الطرفين أكدوا مراراً في تصريحاتهم العلنية وفي اللقاءات الخاصة أن التحالف بينهما مستمر، وإن كان الطرفان لا يستطيعان في المعركة المقبلة تجيير أحدهما الأصوات لللآخر، وحتى لحلفائهما، وذلك بسبب الصوت التفضيلي واعتماد النسبية، فالصوت التفضيلي يفرض على كل طرف إعطاء الأصوات لمرشحه الأساسي وعدم هدر أي صوت حتى للحليف منعاً لأية خسارة، والمعركة ستخاض بشكل دقيق وحساس وفقاً لحسابات انتخابية بشأن كيفية التصويت.
أما على صعيد التحالفات مع القوى الأخرى، فلم يُحسَم القرار نهائياً سواء من الطرفين أو على صعيد كل طرف، وإن كانت العلاقة القوية والمستمرة بين حزب الله والتيار الوطني الحر تفرض عليهما استمرار التعاون الانتخابي في العديد من الدوائر، لكن قد تشهد تنافساً أو اختلافاً في بعض الدوائر، كما في دائرة جبيل. فالحزب والحركة يريدان مرشحاً مؤيداً من قبلهما، في حين أن التيار يريد الحفاظ على المقعد الشيعي من حصته، وأما على صعيد العلاقة بين الحركة والتيار الوطني الحر فهي تتجه نحو التصعيد والتوتر، ما قد يمنع أي تحالف انتخابي بينهما.
وحول العلاقة مع «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» فحركة أمل تميل إلى التحالف مع هاتين القوتين في بعض الدوائر، وبالمقابل فإن حزب الله سيتجه لدعم حلفائه المعارضين لهما وخصوصاً في بيروت والشوف وعاليه والبقاع الغربي.
وأما التحالف مع الأحزاب الوطنية (القومي السوري الاجتماعي، حزب البعث، بعض الشخصيات اليسارية أو الوطنية المستقلة)، فيستمر من قبل الطرفين، وأما في دائرة صيدا فالصورة غير واضحة حول التحالفات التي ستجري بسبب تداخل دور القوى الحزبية والسياسية.
 لكن ماذا عن المرشحين الممثلين للحركة والحزب؟ وهل سيستطيع الطرفان الحصول على أكثرية المجلس النيابي المقبل مع بقية الحلفاء؟
لم يصدر حتى كتابة المقال أي قرار نهائي حول الشخصيات التي سترشحها حركة أمل وحزب الله، لكن الأوساط المطلعة على أجواء الحزبين تشير «إلى أن معظم النواب الحاليين سيجري ترشيحهم للانتخابات النيابية المقبلة مع إمكانية حصول تغييرات طفيفة في بعض الدوائر، كذلك سيكون هناك مرشح للحزب في دائرة بيروت الثانية إضافة إلى المرشح المدعوم من حركة أمل، كذلك ستقدم الحركة مرشحاً لها في البقاع الغربي مقابل مرشح مدعوم من الحزب في دائرة زحلة وفي دائرة بعبدا سيجري تقاسم الترشيحات بين الطرفين».
وأما على صعيد الحلفاء الذين سيشاركون في لوائح الحزب والحركة، فقد نشهد الترشيحات بعض التغيرات خصوصاً في دائرة بعلبك - الهرمل بسبب شدة التنافس في هذه الدائرة والحاجة لمرشحين أوقوياء من بقية الطوائف، وأما في دائرتي مرجعيون - حاصبيا - النبطية، بنت جبيل، وصور والزهراني فعلى الأغلب سيجري الحفاظ على الترشيحات الحالية مع تغييرات طفيفة في الدائرتين.
وإذا لم تعمد الأطراف المعارضة للطرفين في مختلف الدوائر الى تجميع صفوفها وعقد تحالفات واسعة، فإنهما لن يشهدا منافسة قوية في معظم الدوائر، وإن كانت دائرة بعلبك - الهرمل قد تشهد تنافساً صعباً إذا عمدت كل القوى المعارضة للحزب والحركة الى تشكيل لائحة مشتركة.
لكن ما مدى صحة التوقعات حول حصول حركة أمل وحزب الله وحلفائهما على الأكثرية في المجلس النيابي المقبل، خصوصاً انهما سيسعيان إلى زيادة عدد كتلتهما النيابية، كما سيكون هناك فرصة كبيرة لنجاح عدد من الحلفاء لهما في بعض الدوائر الأخرى؟
بعض الجهات السياسية والناشطين في مراكز الدراسات والاحصاءات يؤكدون «ان الحركة والحزب وحلفاءهما سيحصلون على أكثرية نيابية مريحة من المجلس المقبل، ما يعطيهما الفرصة لتحقيق انجازات سياسية في المرحلة المقبلة».
لكن بعض المصادر القيادية في الحزب ترى «أن من الصعب حالياً حسم نتيجة الانتخابات بسبب اعتماد النسبية والصوت التفضيلي، وانه حتى لو نجح الحزب والحركة في زيادة اعداد كتلتهما النيابية، فإن ذلك لا يعني حسم القرار بالحصول على الأكثرية النيابية وحكم البلاد، لأنّ إدارة الوضع اللبناني تحتاج لتوافقات سياسية ولا يمكن أيّ طرف أن يحكم لبنان وحده».
وبالاجمال فإن حركة أمل وحزب الله يخوضان الانتخابات النيابية المقبلة، وهما مطمئنان على قواعدهما الشعبية وقدرة ماكيناتهما الانتخابية على إدارة العملية الانتخابية، وفي الأسابيع المقبلة سيُعلَن المرشحون وطبيعة التحالفات المتوقعة، وفي ضوء ذلك يمكن أن ترسم خريطة أوضح لنتائج هذه الانتخابات ودور كل من الحركة والحزب في المرحلة المقبلة.}