ركب سيارته وانطلق، وما إن ركنها وهمّ بالنزول حتى صدمته سيارة ليفرّ بعدها سائقها من المكان. الضربة كانت على رأسه، كلّفته حياته وحرمت ابنتيه من حنانه بعدما انتظرتا طويلاً عودته الى وطنه حيث أمضى سني عمره متغرباً عن بلده وعائلته. 

"يمكن إجي على الغدا ويمكن لا". عبارة قالها نزيه الأرناؤوط لزوجته قبل أن يتوجه الى عمله عند مدخل صيدا الشمالي حيث يملك "اكسبرس".

"سائق جبان"

عند نحو الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر امس أسلم نزيه (64 سنة) الروح، وبحسب ما شرحته ابنة شقيقته آمال لـ "النهار": "امضى خالي سنوات عمره في ابو ظبي، فقد سافر في عزّ شبابه بحثاً عن تأمين مستقبله، عمل في شركة هناك كملّحم كهرباء قبل ان يبلغ سن التقاعد. عاد منذ نحو ستة اشهر، كان سعيداً جداً أنه وسط عائلته، ولئلا يمضي معظم وقته في المنزل، اشترى "اكسبرس"، منها يسترزق بقوت يومه ومنها يشعر أنه لا يزال انساناً منتجاً. لكن فرحته وعائلته لم تكتمل بعدما خُطف من بينهم نتيجة تهور سائق جبان، بلا ضمير وقلب، هرب بعدما دهسه بدل أن يسارع وينقله الى المستشفى".


"على طريق التوقيف"

"نقلت جثة نزيه بداية الى مستشفى حمود ومن ثم الى المستشفى الحكومي لعدم وجود مكان فارغ في برّاد الموتى" تقول آمال، مضيفةً "عصر اليوم سيوارى في جبانة صيدا الجديدة، وكلنا أمل ان تكشف القوى الامنية عن هوية القاتل قبل ان يلتحف خالي التراب، علّه يرتاح في قبره بأن من تسبب بموته وتركه مضرجاً بدمائه من دون ان يحرك ساكناً سينال عقابه". في حين اكد مصدر في قوى الامن الداخلي لـ"النهار" أن "مفرزة سير صيدا استلمت التحقيق بالقضية وقد تم التعرف إلى السيارة التي دهست الضحية وجاري العمل لتوقيف صاحبها".

كتب لنزيه أن يمضي اشهراً قليلة مع عائلته قبل ان يقفل كتاب حياته بطريقة مأسوية، إذ تقول آمال: "لم نشبع منه والعيش بجواره، فما يزيد على 35 عاماً قضاها بعيداً منا، وعندما حان الوقت لكي يكون بيننا رحل لكن هذه المرة مرغماً والى الابد، لا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل".