رحل صاحب "الابتسامة المُعدية" باكراً مُخلفاً وراءه حزناً وصدمة كبيرة. رواي شباط (33 عاماً) نام ولم يفق، خذله قلبه فرحل الى الأبد. موته شكّل صدمة للجميع، قبل ساعات قليلة من رحيله كان يتكلم، يحلم بتحقيق مشاريعه واحلامه في انتظاره. لغز وفاته حيّر الطبيب الشرعي الذي قال لعائلته: "بقيت يومين ولم أعرف سبب وفاته". لم يفهم احد ما حصل.

بقيت رسالته النصية الأخيرة محفورة في قلب والدته المفجوعة على رحيله، احاديث وصور تتهافت على ذاكرتها. توفي رواي في سريره اثناء نومه، لا اعراض تحذيرية سابقة ولا مشاكل صحية، جسده البارد بعد ساعات من نومه كشف هول الفاجعة.

تروي والدته لوليتا تفاصيل حياته الأخيرة قبل رحيله، وبدموعها المؤثرة تريد ان توصل أكثر من رسالة للشباب، تقول: "رح نشارك قصتنا كرمال ما يكون راوي راح ببلاش ويكون بموتو خلص حياة كتير شباب." ليس سهلاً عليها ان تُعيد المشاهد والتفاصيل الصغيرة الخاصة براوي، تسترجع آخر رسالة نصية وصلتها منه "انا وصلتُ بالسلامة الى دبي، بحبك كتير وسلمي ع الكلّ." تابعت رحلتها الى فرنسا لرؤية ابنها الثاني فيما وصل مع شقيقته ووالده الى دبي.

جسده البارد كشف المصيبة 

تؤكد لوليتا انه "لم يعانِ راوي من اي مشاكل صحية كما انه خضع لفحص EKG اثناء خضوعه لجراحة في ركبته. لم يعرف احد انه يعاني من كهرباء في القلب او ان هناك خللاً ما في قلبه. شعر رواي في النهار ببرودة في جسمه، فاتصل بخالته وشقيقته واعتذر عن القدوم للغداء معهما وطلب منهما ارسال الطعام اليه. وهذا ما حصل، تناول طعامه وخلد الى النوم حتى يلتقي بصديقته وشقيقته في ما بعد. عند الساعة الخامسة والنصف، إتصلت شقيقته به لكن لم يجب، فطلبت من صديقه في السكن ان يطمئن إليه، فوجده نائماً. وبعد ساعات، عاودت شقيقته الاتصال به فلم يُجب، فطلبت من صديقه الثاني الذهاب اليه فوجده نائماً، وعندما اقترب منه لردّ الغطاء عليه وجد جسمه بارداً ليتكشف انه متوفٍ".

برغم من محاولات الإنعاش إلا ان جميعها باءت بالفشل، حتى في المستشفى لم تفلح جهود الأطباء في إنعاشه. ووفق لوليتا "أطلعنا الطبيب الشرعي الذي كشف عليه انه بقي يفحص راوي ليومين ولم يعرف سبب الوفاة". توقف قلبه بسبب كهرباء في القلب، قليلون يعرفون ذلك، وفحص بسيط بإمكانه ان يكشف المشكلة ومعالجتها شرط قراءتها من اختصاصي في كهرباء القلب، وهذا لم يحصل مع راوي برغم إجرائه الفحص" .

هادىء ومحبوب 

تتحدث لوليتا بتأثر وحزن، تخذلها دموعها بين الحين والآخر، يصعب عليها تقبل رحيله المفاجىء. تستعين بكلمات اصدقائه الذين وصفوه بـ"Panda bear" كان يشبهه بقامته الضخمة وقلبه الطفولي الطيب. تقول "كانت ابتسامته مُعدية، وجمع الاصحاب حوله. علمهم حب الحياة وكان سنداً لكل شخص مرهق او حزين. كان هادئاً يعيش حياته بسلام. لم يكن راوي يحب التقيّد بدوام عمل مكتبي، كان يحب ادارة الحفلات والمهرجانات والانشطة الكبيرة على اختلافها. لذلك درس ادراة الأعمال وعمل في مجال ادارة الحفلات والمهرجانات وكان يسعى لإطلاق مشروعه الخاص لكن الموت سبقه. عندما تقرأين ما كتبه أصدقاؤه في صفحته بفايسبوك تعرفين البصمة التي تركها في حياتهم، "بالنهاية الواحد شو بياخذ معو غير محبة الناس".

بعد وفاة راوي، خضعت العائلة الى فحص EKG وكذلك اصدقاؤه وقد تبين ان صديقه يعاني مشكلة في القلب وعولج. شكّلت وفاة راوي صدمة ولكن يحاول اهله تحويل مأساتهم الى رسالة ايجابية تُنقذ حياة الكثير من الشباب.

نعاه أصدقاؤه في صفحته بفيسبوك بكلمات مؤثرة، الكل مصدوم برحيله ورسالة واحدة اختصرت هول الفاجعة "التشديد على اهمية اجراء فحص EKG لإنقاذ الشباب".

كهرباء القلب أخطر من انسداد الشرايين 

أكد الاختصاصي في كهرباء القلب في الجامعة الأميركية في بيروت برنارد ابي صالح في حديثه لـ"النهار" أن "معظم الشباب بعمر صغير يعانون مشكلة السكتة القلبية الناتجة من خلل في كهرباء القلب. وهذا ما دفعنا الى العمل مع جمعية Remy Foundation young heart والقيام بحملات توعوية في المدارس والجامعات، ويُعيد الناس الموضوع الى تعرض صغار السن الى ذبحة قلبية في حين ان الموت المفاجىء طبياً ناتج من سكتة قلبية". ويضيف "ان مشكلة كهرباء القلب أخطر من انسداد الشرايين في القلب، لأنه غالباً ما يكون العارض الاول هو الأخير ويسبب الوفاة، وقليلة هي الحالات التي تنجو منها".

وأشار الدكتور أبي صالح الى انه "يمكن تشيخص مشكلة كهرباء القلب من خلال إجراء تخطيط قلب يقرأها اختصاصي في كهرباء القلب. لذلك ننصح الشباب بإجراء هذا التخطيط الذي يكشف من هم المعرضون لمشاكل في كهرباء القلب لا سيما الذين يمارسون رياضة قوية ويتوفون فجائياً". 

ورأى انه "لا تظهر الأعراض دائما على الأشخاص، فأحيانا تتبدى بعض المؤشرات التحذيرية وأحيانا أخرى لا تكون مصحوبة بأي عارض. لكن اذا كان الشخص يعاني من رجفة قلب قوية، غيبوية او حالة اغماء وتعب قوي عند اي مجهود يتوجب عليه استشارة الطبيب للتأكد من صحة قلبه". معتبراً ان "التخطيط يكشف مشكلة الخلل في كهرباء القلب والتي يمكن الوقاية منها من خلال اخذ الاحتياطات والوقاية واهمها: 

* تفادي الجهد 

* ممارسة الرياضة لبعض الأشخاص 

* بعض الأدوية التي يُمنع تناولها 

* الحرارة العالية عند بعض الأشخاص. 

وهناك حالات تستوجب علاجاً بالأدوية بالإضافة الى الاحتياطات بحسب نتيجة التخطيط. علماً ان السكتة القلبية ناتجة من خلل في كهرباء القلب المرتبطة بعامل وراثي (مشكلة بخلايا القلب - سماكة او شريط كهرباء زائد...) إضافة الى مشاكل صحية أخرى كإلتهابات وضعف في عضلة القلب وغيرها". 

وتابع الاختصاصي في كهرباء القلب حديثه بالتشدد على أهمية "علاج السكتة القلبية المفاجئة الذي يتمثل بتوفير صدمة سريعة للقلب تُعرف باسم الصدمات الكهربائية. ويساعد جهاز خارجي آلي لصدمات القلب الكهربائية (AED) لإنقاذ الشخص. من هنا نناشد بأهمية تأمين هذا الجهاز في المدارس والجامعات بالتنسيق مع وزارة التربية للتصرف سريعاً في حال حدوث اي حالة صحية مفاجئة والتوعية حول أهمية السكتة القلبية وكيفية الوقاية منها عند صغار السن. ولقد نجحنا في الجامعة الأميركية من إنقاذ حياة 4 شباب بفضل هذا الجهاز".