المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي يلوذ بنظرية المؤامرة للتقليل من تأثير الاحتجاجات الواسعة
 

أبدى المسؤولون الأتراك انزعاجا كبيرا مما يجري في إيران من احتجاجات واسعة تهدد بانتقال العدوى للمحيط الإقليمي، وخاصة إلى تركيا التي تعيش حالة من الغضب بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان التي تراكم المشكلات والأزمات في الداخل والخارج.

يأتي هذا فيما يلوذ المرشد الأعلى في إيران بنظرية المؤامرة لتفسير توسّع دائرة الاحتجاجات وما صاحبها من ارتفاع في أعداد القتلى والمعتقلين ورفع شعارات تطالب بإسقاط النظام وانكفاء إيران على أزماتها الداخلية بدل التورط في ملفات كثيرة.

ودعت وزارة الخارجية التركية إلى تغليب الحكمة للحيلولة دون تصاعد الأحداث في إيران، وتجنب التدخلات الخارجية المحرضة التي من شأنها مفاقمة الأوضاع.

وأكد بيان صادر عن الخارجية التركية أن أنقرة تولي أهمية كبيرة للسلم الاجتماعي والاستقرار في إيران الصديقة والشقيقة.

وقال خبراء ومحللون سياسيون أتراك إن بيان الخارجية التركي يشير إلى أن أنقرة تأمل في أن تظل الأوضاع في إيران تحت السيطرة، وأن تفشل الدعوات إلى “ربيع إيراني” في تناقض مع دعوات سابقة لها بنجاح احتجاجات “الربيع العربي” في دول عدة وخاصة في سوريا ومصر، وهي احتجاجات كانت تأمل في أن تركب موجتها لتفرض جماعات إسلامية متشددة موالية لها في الحكم.

ويرى هؤلاء أن الرئيس التركي يتخوف من مصير مشابه لما قد يؤول إليه الوضع في إيران، فكلاهما متورط في دعم جماعات متشددة وميليشيات مختلفة في العراق وسوريا، فضلا عن مخاوف تتعلق بسعي الأكراد إلى الاستقلال، وغياب مناخ الحرية، وتجريم المعارضة واتهامها بالعمالة إلى الخارج.

ولفتوا إلى أن خروج احتجاجات إيران من بعدها المطلبي الاقتصادي إلى مطالب سياسية قد يغري الشارع التركي بانتفاضة واسعة على حكم العدالة والتنمية برئاسة أردوغان.

وقال حقّي أويغور نائب رئيس مركز الأبحاث الإيرانية بأنقرة إنّ المظاهرات الحالية في إيران تستهدف النظام القائم، وعلى رأسه الرئيس حسن روحاني والمرشد علي خامنئي والثورة، لافتا إلى أنّ المتظاهرين يطلقون هتافات ضدّ ثورة 1979.

ونوّه أويغور إلى أنّ مثل هذه التظاهرات غابت عن الساحات والميادين الإيرانية منذ زمن طويل، وأنّه من المحتمل أن تكون جهات خارجية لها صلة بما يدور حاليا في البلاد.

واعتبر علي سمين الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز الحكماء للأبحاث الاستراتيجية، أنّ المظاهرات الحالية في إيران بدأت للاعتراض على سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والفقر والبطالة، ولكنها اتسعت لتتحوّل إلى مظاهرات ضدّ الحكومة الإيرانية.

وأشار سمين إلى أنّ المظاهرات الحالية تستهدف بشكل مباشر المرشد الأعلى، والرئيس الإيراني، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني التابع للحرس الثوري الإيراني، وتشارك فيها أقليات مناهضة للحكومة مثل العرب والأكراد.

ويربط المتابعون الموقف التركي مما يجري في إيران بموقف قطر ووسائل إعلامها، وخاصة قناة الجزيرة التي تعمل في تغطياتها للاحتجاجات على تقديم مساحة واسعة لعرض وجهة نظر السلطات الإيرانية، واستضافة محللين مقربين منها، والهدف تأكيد الوقوف إلى جانب طهران ضد انتفاضة الشارع في تناقض مع توجه القناة التحريضي ضد الدول العربية التي شهدت احتجاجات في 2011 و2012.

ويرى المتابعون أن وسائل الإعلام القطرية تحرص على إبداء انحيازها لإيران كرد جميل لموقفها من قضية المقاطعة، حيث احتمت الدوحة بطهران وأنقرة بدل اللجوء إلى حوار هادئ مع جيرانها لإنهاء أسباب الخلاف وبناء علاقات متينة على أساس اتفاق الرياض بنسختيه 2013 و2014.

ومن الواضح أن الدوحة تشترك مع أنقرة في الخوف من أن يمتد “الربيع الإيراني” إليهما، خاصة أن سقوط النظام الإيراني سيعطي شحنة قوية للشارع القطري أو التركي لتحقيق الربيع الخاص بكل منهما.

وفشلت السلطات الإيرانية إلى حد الآن في استيعاب ما يجري من احتجاجات. وبدل تفهّم المطالب والمبادرة بالاستجابة لها، فإن المرشد علي خامنئي لاذ بنظرية المؤامرة للتعليق على الغضب الشعبي.

واتهم خامنئي الثلاثاء “أعداء” إيران بالتآمر ضد الجمهورية الإسلامية، في أول تعليق له على التظاهرات المستمرة لليوم السادس احتجاجا على الضائقة الاقتصادية في البلاد.

وقتل تسعة أشخاص ليل الاثنين في وسط إيران حيث حاول متظاهرون مهاجمة مركز للشرطة، بحسب الإعلام الرسمي. وبذلك، ترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 21 قتيلا بينهم 16 متظاهرا، منذ أن انطلقت التظاهرات الخميس في مشهد (شمال شرق)، ثاني مدن إيران، قبل أن تنتشر سريعا وتمتد إلى جميع أنحاء البلاد.

وقال خامنئي في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي “في أحداث الأيام الأخيرة، اتحد الأعداء مستخدمين وسائلهم، المال والأسلحة والسياسة وأجهزة الأمن، لإثارة مشكلات للنظام الإسلامي”.

وأضاف “العدو يترصد على الدوام فرصة وثغرة للتغلغل وتسديد ضربة للأمة الإيرانية”، من دون أن يعطي المزيد من التوضيحات حول الجهات المقصودة.

لكن سبق للرئيس الإيراني حسن روحاني أن انتقد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الاحتجاجات الإيرانية.

وجدد الرئيس الأميركي الثلاثاء إشادته بالمتظاهرين في إيران الذي قال إنهم يتحركون ضد نظام طهران “الوحشي والفاسد”.

وكتب في تغريدة على تويتر “كل تلك الأموال التي أعطاهم إياها الرئيس (الأميركي السابق باراك) أوباما بحماقة ذهبت إلى الإرهاب وداخل جيوبهم. القليل من الطعام لدى الناس؛ الكثير من التضخم؛ وانعدام حقوق الإنسان. الولايات المتحدة تراقب”.

وحذّر النائب العام الإيراني محمد جعفر منتظري المتظاهرين المناهضين للحكومة من عواقب وخيمة إذا واصلوا احتجاجاتهم في الشوارع. وقال منتظري إن السلطات الأمنية والقضائية ستتعامل بحزم مع″المشاغبين”.

ونقلت وكالة أنباء “إيلنا” عن وزارة الاستخبارات قولها إن الاحتجاجات التي وقعت في الأيام الأخيرة تحولت إلى أعمال عنف “بسبب وجود عناصر مشبوهة وعدوانية”.

ونجحت هذه الاحتجاجات في تعبيد الطريق أمام الأقليات لتظهر مطالبها إلى العلن كجزء من المطالب الشعبية. وأعلنت القوى الوطنيّة الأحوازيّة في بيان لها عن تشكيل هيئة تأسيسيّة عُليا تمهّد لتشكيل حكومة أحوازيّة في المنفى تتولى مهمّة الصراع مع السلطات الإيرانية، و”إيصال صوت شعبنا العربي الأحوازي إلى كافة المحافل العربيّة والدوليّة”.