ما كان باسيل ليقول هذا الكلام لولا الضوء الأخضر من حزب الله
 

كان ملفتاً في الآونة الأخيرة خروج وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل بعدة تصريحات في مناطق حزب الله الشيعية وعلى وسائل إعلام ممولة من إيران يتحدث فيها عن السلام بين لبنان وإسرائيل.
لم تكن هذه التصريحات مجرد زَلَّة لسان أو مجرد حديث عام في السياسة، بل جاءت ضمن تأدية حزب الله للجزء المطلوب منه في صفقة العصر التي حصلت بين الأمريكيين والأوروبيين وإسرائيل من جهة وبين الروس والإيرانيين من جهة أخرى، والتي ظهر منها حتى الآن عدة مُخرَجات تَمثَّلت بتصفية الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لمصلحة الحوثيين - الذراع الإيراني في اليمن - من دون أن يحصل أي تدخل مفترض من قبل التحالف العربي ضد الحوثيين لنصرة صالح الذي كانت مصلحة التحالف العربي تفترض دعمه عند وقوع الإشتباك بينه وبين الحوثيين لولا أن هناك من كف يد دول هذا التحالف العربي عن التدخل لمساعدة علي عبد الله صالح، كون ما جرى من تصفيته يأتي ضمن صفقة متكاملة يجري تطبيقها حالياً في المنطقة. 

إقرأ أيضًا: حليف حزب الله لا يرفض وجود إسرائيل ... ماذا لو قالها أحد غيره ؟
أما الأجزاء الأخرى التي ظهرت حتى الآن من هذه الصفقة فهي تثبيت حكم بشار الأسد في سوريا وتوقف إيران وقطر عن دعم حماس بشكل يضر بإسرائيل، حيث استشعرت حماس خطورة الصفقة عليها وبدأت تعمل وبشكل حثيث فيه الكثير من التسرع على إلقاء كتلة لهب قطاع غزة بين يدي السلطة الفلسطينية ونفض يدها من مسؤولية حكمه، بينما كان إعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل هو أحد أبرز بنود صفقة القرن والذي أقرت به إيران مقابل البنود الأخرى التي حصدتها رغم تظاهرها بالرفض عبر بعض التصريحات والمظاهرات التمويهية الضرورية لإستيعاب الصدمة عند جمهورها الذي لطالما نادى بتحرير القدس شعاراً لقَّنته إياه إيران منذ إنتصار الثورة الإيرانية.
ضمن هذا السياق المتكامل تأتي تصريحات جبران باسيل الذي يقوم بتهيئة أسماع اللبنانيين ونفوس اللبنانيين ولا سيما جمهور محور الممانعة لسماع أخبار عن إتصالات دولية جادة تمهًد للبدء بإجراء مباحثات بين العرب ومنهم لبنان مع إسرائيل لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي.

إقرأ أيضًا: لماذا مر كلام باسيل عن السلام مع إسرائيل مرور الكرام؟
من الواضح أن الأحداث المتسارعة في المنطقة ولا سيما في مناطق النزاع في العراق وسوريا واليمن وغزة وإعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل واكتفاء حزب الله بصواريخ فيسبوكية وتويترية كرد على هذه الخطوة الترامبية قبل أن يستدرك الحزب هذه الزلَّة ويدعو إلى مظاهرة في الضاحية الجنوبية، كذلك الردود الإيرانية الصادمة بهزالتها على إعلان ترامب القدس الذي جعلت إيران منه لعشرات السنين عنواناً لتدخلها في دول المنطقة عاصمة لإسرائيل التي تنادي إيران وأتباعها بزوالها منذ أربعة عقود، باستثناء بعض التصريحات لبعض الساسة الإيرانيين، كل ذلك يوضح أن جبران باسيل الحليف الرسمي لحزب الله ما كان ليصرح بتصريحات السلام مع إسرائيل في قلب مناطق حزب الله وعلى شاشات التلفزة الواقعة في فلكه لولا أن ذلك يأتي ضمن خطة عمل منظمة يقوم حزب الله من خلالها بتنفيذ ما يعنيه من بنود صفقة العصر فيما يخص السلام مع إسرائيل عبر طرحه موضوع السلام مع إسرائيل بلسان الدبلوماسية اللبنانية كتمهيد للأسماع لسماع ما سيُقال ويُفعَل لاحقاً في هذا الشأن.
قد تبدو هذه القراءة غير واقعية لمن لا يعرف معنى أن هناك صفقة جرت في منطقتنا سُمِّيت بصفقة العصر ويجري العمل على تنفيذها كل من موقعه، ولمن يغفل عن أن الصفقة ليست بين أمريكا ونفسها بل بين مختلف القوى النافذة في المنطقة والتي تشمل كل من إسرائيل وإيران وأمريكا وروسيا وأوروبا وأذرع كل منها.