توحيد صفوف المعارضة يشكل شرطا ضروريا لانطلاقة التسوية السياسية في سوريا التي تشهد منذ نحو سبع سنوات حربا دموية، ويرجح مراقبون أن يتمكن المجتمعون اليوم في الرياض من تحقيق الهدف المنشود في ظل حرص إقليمي ودولي واضح
 

نصت مسودة البيان الختامي لمؤتمر المعارضة السورية في الرياض على التأكيد على ضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد في بداية أي انتقال سياسي، وفق ما أوردته قناة العربية.

وكان نحو 140 شخصا يمثلون جماعات وكيانات وفصائل مقاتلة ومستقلين قد بدأوا الأربعاء اجتماعا في العاصمة السعودية الرياض لتوحيد صفوفهم تمهيدا لتشكيل وفد تفاوضي في استحقاق جنيف الذي لم تعد تفصل عنه سوى أيام قليلة.

وتزامن هذا الاجتماع الذي يمتد على مدى يومين مع لقاء قمة ثلاثي جمع رؤساء تركيا وإيران وروسيا في مدينة سوتشي جنوب غرب سوريا، للاتفاق على خطوط عريضة لتسوية الأزمة السورية.

ويرى البعض أن طرح مبدأ رحيل الرئيس السوري بشار الأسد في مسودة البيان الختامي لمؤتمر المعارضة، لا يمكن قراءته سوى في إطار رفع سقف المطالب لاجتماع جنيف الذي سينعقد في الـ28 من الشهر الجاري.

ولا يستبعد هؤلاء أن يتم إسقاط أي ذكر للأسد في البيان الختامي النهائي خاصة وأن هناك تباينا في المواقف بين مجموعات المعارضة حيال مصير الرئيس السوري.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في وقت سابق إن الحل الوحيد للصراع سيكون بالتوافق الذي يحقق مطالب الشعب السوري.

وشدد “لا حل للأزمة السورية دون توافق سوري وإجماع يحقق تطلعات الشعب وينهي معاناته على أساس إعلان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254”.

وكانت منصة موسكو التي يترأسها قدري جميل قد أعلنت في وقت سابق مقاطعتها للمؤتمر المنعقد متهمة أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات بإحباط جهود تشكيل وفد موحد.

وقال قدري جميل “تعتبر منصة موسكو أن محاولة بعض الأطراف المعارضة استغلال اللقاء في الرياض كمنصة للإعلان عن مواقفها وآرائها السياسية الخاصة هي خروج عن الجهد الذي تبذله المملكة العربية السعودية لتشكيل وفد واحد”.

ومعلوم أن منصة موسكو ترى أن رحيل بشار الأسد ليس أولوية، فيما تعتبره الهيئة العليا للمفاوضات التي استقال 11 قياديا منها قبيل المؤتمر مسألة حيوية باعتبار أنه السبب الرئيسي الذي قامت لأجله الثورة السورية.

ويقول محللون إن رحيل الأسد خاصة في بداية المرحلة الانتقالية لم يعد مطروحا على الأقل بالنسبة للقوى الإقليمية والدولية، وأن اليوم التركيز الرئيسي يكمن في ضرورة خلق مناخ تسووي لإنهاء الحرب الدموية التي خلفت أكثر من 330 ألف قتيل والملايين من المهجرين في الداخل والخارج.

ويرى هؤلاء أنه مع اقتراب الانتهاء من الحرب ضد تنظيم داعش، بدا واضحا أن هناك توجها من القوى الكبرى وفي مقدمتها روسيا لإنهاء النزاع وهذا يفرض تقديم تنازلات كبرى سواء من المعارضة أو من النظام.

وأكد المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أنه سيزور موسكو في الـ23 من هذا الشهر، ليبحث مع وزيري الخارجية والدفاع الروسيين التحضيرات لـ”جنيف - 8” ومؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي تأكد انعقاده الشهر المقبل، والذي صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يأتي لدعم جهود التسوية في جنيف.

وتأمل روسيا في أن يتولى دي ميستورا الإشراف على مؤتمر الحوار الوطني السوري المتوقع عقده في سوتشي في 2 ديسمبر، بيد أن الأخير لم يحسم موقفه بعد، وسط ترجيحات بأنه سيوافق في الأخير على الطلب الروسي.

وفي وقت سابق أعلن دي ميستورا عن عزمه عقد جولتين من المشاورات السورية السورية في جنيف في ديسمبر المقبل، بدلا من واحدة كما كان مقررا.

وذكر دي ميستورا، خلال مشاركته في مؤتمر قوى المعارضة السورية في الرياض، أنه يحتاج من أجل تحقيق هذا الهدف إلى وفد معارض قوي وبارع.

وشدد على جاهزيته للعمل بإخلاص لأن تعقد في جنيف “مفاوضات حقيقية” على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، حسب نص خطابه الموزع من قبل مقر الأمم المتحدة في جنيف.

وأوضح المبعوث الأممي إلى سوريا أن المفاوضات في جنيف ستتركز على صياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية تحت إشراف أممي، مشيرا إلى أهمية عدم تجاهل قضية الأسرى والمعتقلين والمخطوفين والمفقودين، فضلا عن مسألة إدخال المساعدات إلى مناطق يصعب الوصول إليها.