شدد وزير الصحة العامة ​غسان حاصباني​ على "أهمية بناء قوة بشرية قادرة على الاستخدام الجيد والمجدي للتكنولوجيا، إضافة إلى بنى تحتية تساعد على الاستفادة من الثورة القادمة كي لا تفوتنا الثورة الصناعية الجديدة كما فوتنا علينا فرصا كثيرة في الماضي".
وفي كلمة له خلال مؤتمر مؤسسة مي شدياق السنوي السادس "تواصل الأدمغة الحرة" إلى اننا "نعيش اليوم في عالم يتحول بوتيرة أسرع من قدرة القياديين على التأقلم معها. فبعد الثورات الصناعية التي حولت العالم، أتت الحروب العالمية وتلتها نهضة اقتصادية وتنموية كبيرة، ثم أتت ​الحرب الباردة​ وبعدها الثورة الرقمية و​العولمة​".
وأضاف: "نحن اليوم، ونتيجة للثورة الرقمية، نعيش تحولات اقتصادية وتكنولوجية وجيو سياسية تحدد معالم ​المستقبل​، ويتوقع أن تستمر في التفاعل والنضوج خلال العقود الأربعة المقبلة، إنه العالم ما بعد العولمة. هذا العالم الجديد مبني على المعرفة والتواصل والحرية، عناوين ثلاثة اختصرها عنوان هذا المؤتمر. فهذا المؤتمر يقدم منصة للحوار وتبادل الأفكار حول حاضر العالم ومستقبله، وهو أمر أصبح العالم بأمس الحاجة إليه. لماذا؟ لأن التحولات الكبرى أعطت صوتا للأفراد يعلو على صوت المؤسسات التقليدية أحيانا، ومكنت المجموعات الصغرى من التأثير في المجموعات الكبرى، مما جعل أنظمة الحوكمة التقليدية عاجزة عن إدارة المجتمع فوقعت الثورات والتغييرات".
وتابع: "انطلاقا من مبدأ المعرفة، ازدادت قدرة عدد أكبر من الناس للوصول إلى المعلومات، مما يؤدي إلى مستوى أعلى من الوعي، وبالتالي قدرة أكبر على التعلم والتأثير، وهذا يمكن الفرد في كل المجتمعات ويعزز موقعه تجاه المؤسسات والدول، حيث يصبح عدد أكبر من الأفراد على معرفة بحقوقهم، بما يعزز قدرتهم على التغيير".
وأشار إلى أن "التواصل يمكن الأفراد والمجموعات الصغرى من أن توصل صوتها إلى العامة ومن دون حدود، مما عزز قدرة الحس الوطني وما دون الوطني إلى العرقي أو المناطقي على التعبير، وهذا يؤدي اليوم إلى حركة انفصالية أو مطالبة بلا مركزية أوسع في بعض البلدان". ورأى أن "أطرافا متعددة تستعمل قوة التواصل للخير، وقد يستعملها آخرون للشر على حد سواء، ويصبح من له رأي أو صوت أعلى، هو من يتحكم في آراء العامة. فأصبح نشر السياسات والأفكار عبر "تويتر" أحدث الوسائل للحكم السريع خارج أطار المؤسسات والإجراءات الرسمية حيث يمكن لرسالة واحدة أن تشعل حربا وتنهيها".
وأكد حاصباني أنه "بالمعرفة والتواصل يرتفع منسوب الحرية، لكن معها يرتفع منسوب التعدي عليها وتخطي الأعراف والقوانين إلى حد التضليل، ويتأرجح العالم اليوم بين الحرية والفوضى وتتغير مفاهيم كثيرة نتيجة لذلك".
ولاحظ أن "العالم ما بعد العولمة أصبح أكثر تواصلا وحرية، لكنه مهدد بأن يكون اقل حصانة واستقرارا وأكثر ترابطا بالأحداث. لذلك لدى البلدان الصغيرة مثل ​لبنان​ فرصة كبيرة لتوسيع نطاق التأثير الفكري والإقتصادي والإجتماعي، لكن المخاطر قد تكون كبيرة أيضا إذا لم يكن لبنان محصنا لنفسه من دون التدخل بشؤون الغير أو تدخل غيره بشؤونه. كل هذه التحولات تمهد لثورة صناعية جديدة، تعتمد ​التكنولوجيا​ ركنا لها، لكن علينا أولا أن نبني قوة بشرية قادرة على الإستخدام الجيد والمجدي للتكنولوجيا، وبنى تحتية تساعد على الإستفادة من الثورة القادمة كي لا تفوتنا الثورة الصناعية الجديدة كما فوتنا علينا فرصا كثيرة في الماضي".