قلبت استقالة رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري المحسوبة الاولويات السياسية، واضعة الاطراف السياسية امام استحقاق لا مفر منه احلى خياراته مر. غير ان ابرز ما استوقف المراقبين كان، في التوقيت الذي عقب فورا لقاء الموفد الايراني والحديث عن رسالة نقلها الشيخ سعد الى الرياض، والمكان لاختياره الرياض في دلالة واضحة الى حدة التصعيد الذي بلغته الامور واختياره «العربية» لايصال الرسالة،والاهم المضمون الذي وصل حد اتهام حزب الله بالتحضير لاغتياله.

خطوة الحريري المفاجئة – لا سيما أنها أتت عقب قوله في مجلس الوزراء الخميس إن الرياض تتمسك بالاستقرار والحكومة – صدمت المكونات السياسية كلّها وتركت الساحة المحلية في حال إرباك. واذا كان رد القصر الجمهوري الذي اكتفى بالتأكيد ان رئيس الجمهورية ابلغ بالخطوة قبل اتخاذها وهو بانتظار اجتماعه بالحريري ليبني على الشيىء مقتضاه، قد جاء اسرع من الاستقالة، فان تعميم رئيس التيار الوطني الحر الى محازبيه بعدم التعليق ان كان ليؤشر الى شيىء فالى الارباك والخوف مما قد يلحق بالتسوية الرئاسية التي تلقت ضربة قاصمة من احد ابرز الشركاء.

الاستقالة وان جاءت كـ«رد اجر» بعد 7 اعوام على «كف» الـ2011 ، فان مصادر مقربة من المستقبل اكدت ان ما كان قبل السبت ليس كما بعده، فالقرار الذي اتخذه رئيس الحكومة جاء نابعا من قناعته بان بقاء الحكومة لم يعد مجدياً، آملة ان لا يؤثر ذلك في التسوية الرئاسية في حال عرف اطرافها التعامل بإيجابية مع الاستقالة، معتبرة ان انتقال المستقبل الى المعارضة حاليا لمصلحة لبنان والخط السيادي.

واكدت المصادر ان يوم الجمعة تمكن رصد مجموعة من فرع المعلومات بالتنسيق مع فريق حماية رئيس الحكومة عملية تشويش استمرت لبعض الوقت استهدفت الاجهزة الالكترونية المجهز بها موكب رئيس الحكومة ما اثار المخاوف من وجود عملية اغتيال، دون ان تستبعد ان تكون الخطوة هدفها التخويف لاجبار الحريري على المغادرة، مذكرة بأن امور مشابهة حصلت قبيل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005.

فيما أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي- شعبة العلاقات العامة، في بلاغ لها انه: «تعليقا عما يتم تداوله عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية حول قيام شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي بإحباط محاولة لاغتيال الرئيس سعد الحريري.

ويهم  المديرية ان توضح بأن ما يتم تداوله غير صادر عنها أو عن شعبة المعلومات، وبالتالي فانها ليست مصدر هذه الأنباء وليس لديها أي معطيات حول ذلك، فاقتضى التوضيح».

واشارت المصادر الى ان قول المباح لن يكون الا بعد عودة الرئيس الحريري الى بيروت ولقائه رئيس الجمهورية، معتبرة ان الخطوة جاءت في توقيتها المناسب، مقرة بأن الشيخ سعد تعرض لضغوط كبيرة في الفترة الاخيرة ولكن من القواعد الشعبية وان كل التقارير التي كانت ترده من الارض كانت تطالب بهذه الخطوة لان الكيل طفح، نافية وجود اي ضغوط خارجية وان كانت المملكة تحبذ هكذا خيار، داعية الى اعادة استنهاض قوى ثورة الارز ولم الشمل مع دخول البلاد مرحلة جديدة من التسوية.

وتابعت المصادر بأن كلام الموفد الايراني الى لبنان كان القشة التي قصمت ظهر البعير نتيجة اصرار الجمهورية الاسلامية على جعل لبنان في عين العاصفة واعتباره في صف محورها خلافا لارادة اكثر من نصف اللبنانيين، معترفة بأن الحكومة كانت سترضخ لارادة حزب الله صاحب القوة والسطوة في فرض املاءاته، كما حصل في اكثر من ملف ليس آخرها الضرب بعرض الحائط معارضة مجلس الوزراء لتفعيل العلاقات مع سوريا، ما حتم اتخاذ هذه الخطوة كي لا يتحور المستقبل الى شاهد زور، قالتنازلات التي قدمت كلها لم تنفع والبلاد وصلت الى درك لا يمكن السكوت عنه، كما ان ما ستحمله الايام القادمة لن يكون بمقدور الازرق تغطيته.

من جهتها اعتبرت اوساط سياسية مراقبة ان خطوة الرئيس الحريري اعادت خلط الاوراق بشكل كبير ووضعت اطراف التسوية الرئاسية في مأزق كبير، مؤكدة ان رئيس الحكومة لم يكن ليسير بأي عملية تسخين في لبنان او ان يتخذ موقفا معاديا لحزب الله من دون أفق واضح ونتائج معلومة سلفا، معتبرة ان الامر اكبر بكثير من الحديث عن مقابل مادي وسياسي حصل عليه الشيخ سعد من المملكة، مؤكدة ان الخطوة قد تكون محاولة دولية-عربية لتطويق رئاسة الجمهورية تمهيدا لعزل حزب الله، اذ ان خطوة كهذه لا يمكن ان تتخذ دون وجود قرار كبير بقلب الموازين على الساحة اللبنانية، محذرة من الاستهانة بما حصل لان الأمور اختلفت بالكامل عن عام 2011.

كيف سيكون الرد الدولي وما هي الرسالة التي وصلته من الموفد الايراني؟ وهل الاستقالة هي المفاجأة التي وعد بها الوزير السبهان؟ وهل القرار محض سعودي ام هو اكبر من ذلك؟

الاسئلة كثيرة والاجابات تبقى في عهدة اهل الحل والربط

 

ميشال نصر