بيان لمجلس أمن إقليم كردستان: القوات العراقية تهاجمنا في شمال غرب الموصل بدعم إيراني
 

تابعت أوساط عراقية كردية باهتمام بالغ زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الخميس، إلى إيران مخافة أن تفضي تلك الزيارة التي أعقبت زيارة مماثلة كان قام بها العبادي إلى تركيا، إلى المزيد من تصعيد المواجهة العسكرية بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية.

وتخشى قيادات كردية عراقية أن تكون طهران وأنقرة بصدد دفع بغداد إلى حرب شاملة ضدّ إقليم كردستان لإخضاعه بالكامل لسيطرة الحكومة المركزية وإلغاء الحكم الذاتي الموسّع الذي تمتّع به منذ 2003 وضاعف التطلّعات الاستقلالية لدى أكراد العراق.

وقد تكون إيران وتركيا وجدتا في الأوضاع الراهنة بالعراق فرصة تاريخية للإجهاز بشكل تام ونهائي على فرصة قيام دولة كردية في المنطقة ستشكّل إن عاجلا أو آجلا مخاطر على وحدتهما الترابية.

وفيما كان حيدر العبادي يجري مباحثاته مع القيادة الإيرانية في طهران، كانت المواجهات بين القوات العراقية والبيشمركة الكردية تشهد تصعيدا لافتا في مناطق على الشريط المحاذي لحدود إقليم كردستان.

وذكر بيان صادر عن مجلس أمن إقليم كردستان، الخميس، أن «القوات العراقية والحشد الشعبي نفذت بدعم إيراني هجوما من أربعة محاور في شمال غربي الموصل»، مشيرا إلى أن»الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس أشرفا على تلك المعارك».

ويعاني إقليم كردستان العراق، من ضغوط سياسية وعسكرية خانقة، على خلفية إجرائه استفتاء تقرير المصير في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

وبينما صعّدت عواصم إقليمية من خطابها ضد هذه الخطوة، رفضت بغداد عرضا من أربيل، يتضمن تجميد نتائج الاستفتاء والبدء بمفاوضات غير مشروطة.

يخشى الإقليم أن تتطور عملية إعادة الانتشار التي تنفذها القوات الاتحادية لتصل إلى أراض داخل محافظة دهوك
وحصد رئيس الوزراء العراقي نتائج جولته الإقليمية الأخيرة، التي شملت تركيا وإيران، سريعا، إذ أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد جاويش أغلو، الخميس، أن عرض أربيل تجميد نتائج الاستفتاء خطوة جيدة، لكنها ليست كافية، فيما أثنى المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، “على قرارات الحكومة العراقية للدفاع عن سيادة ووحدة أراضي العراق كافة”.

وردا على عرض تقدمت به حكومة كردستان، يتضمن تجميد نتائج الاستفتاء، ووقف العمليات القتالية في الشريط المحاذي للإقليم، وبدء مفاوضات مفتوحة بشأن القضايا المتنازع عليها بين بغداد وأربيل. قال العبادي “نحن لا نقبل إلا بإلغاء الاستفتاء والالتزام بالدستور”.

وكتب العبادي على حسابه الموثق في فيسبوك، من طهران التي يزورها في إطار جولته الإقليمية، إن “إجراء الاستفتاء جاء في وقت نخوض فيه حربا ضد داعش وبعد أن توحدنا لقتال داعش، حذرنا من إجرائه لكن دون جدوى”. وأضاف، “لم نعتبر إجراءاتنا الدستورية في بسط السلطة الاتحادية إلا انتصارا لجميع العراقيين”، موضحا أن “استراتيجيتنا هي إخضاع هذه المناطق لسلطة الدولة”. وختم بالقول، “نحن لا نقبل إلا بإلغاء الاستفتاء والالتزام بالدستور”.

وشهدت مناطق في الموصل، متنازع عليها بين بغداد وإقليم كردستان، الخميس، مناوشات بين القوات الاتحادية التي تريد إعادة انتشارها فيها، وبين قوات البيشمركة الكردية التي ترفض السماح بذلك.

وتبادلت القوتان قصفا مدفعيا في مخمور، جنوب شرق الموصل، وربيعة، شمال غرب الموصل. ووردت تقارير عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، خلال اشتباكات متقطعة.

وبينما قالت القوات الكردية إنها أحرزت تقدما كبيرا في مخمور، ودفعت القوات الاتحادية إلى الخلف، أعلنت بغداد أنها استعادت السيطرة على مناطق حيوية في قضاء ربيعة، كانت تحت سلطة البيشمركة، بينها معبر حدودي مهم مع سوريا.

وبدا أن بغداد لم تكن مهتمة بأنباء هذه الاشتباكات، إذ انشغل الإعلام العسكري بتغطية أنباء تقدم القوات العراقية نحو آخر معاقل تنظيم داعش في مناطق غرب البلاد.

لكن هوشيار زيباري، وهو قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني اتهم العبادي بإطلاق معركة في غرب البلاد، للتغطية على الهجمات التي تشنها القوات العراقية في الشمال ضد البيشمركة.

وقال زيباري “العبادي أصدر أوامره من طهران لبدء عملية عسكرية ضد داعش في الأنبار، والسبب هو أنه يحاول التغطية على الهجوم الذي تشنه قواته على البيشمركة”.

ويخشى الإقليم أن تتطور عملية إعادة الانتشار التي تنفذها القوات الاتحادية في مناطق شمال وشمال غرب الموصل، لتصل إلى حد سيطرتها على أراض داخل محافظة دهوك، التابعة لكردستان، حيث يقع معبر استراتيجي حدودي، على مستوى التبادل التجاري، بين العراق وتركيا.

ويقول مراقبون إن “بغداد، بالتنسيق مع عواصم إقليمية، تريد مواصلة الضغط على المنطقة الكردية، لمنعها من التفكير في الاستقلال مستقبلا”.

وتقول مصادر دبلوماسية، إن “الزعماء الأتراك والإيرانيين الذين التقاهم العبادي خلال اليومين الماضيين، في أنقرة وطهران، شجعوا رئيس الوزراء العراقي على المضي قدما في إعادة فرض سيطرة الحكومة الاتحادية على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي التي تسيطر عليها القوات الكردية”.

وفي غضون ذلك، تواصل وسائل الإعلام المحلية الاهتمام بالأنباء غير المؤكدة التي تشير إلى نية البارزاني الاستقالة من منصب رئيس إقليم كردستان، بعد نقل صلاحياته إلى رئيس حكومة الإقليم.

وأجل برلمان كردستان، جلسة كانت مقررة الخميس، كان يفترض أن تشهد إعلان استقالة الزعيم الكردي المخضرم، فيما تقول مصادر مطلعة لـ”العرب”، إن “الحوار داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني مستمر، ويناقش خيارات عدة، بينها استقالة البارزاني”.