قالت صحيفة "واشنطن بوست"، الخميس، إن قوات الأمن الإيرانية تمنع الرئيس الأسبق محمد خاتمي من مغادرة منزله في طهران، منذ الأربعاء، في ما يعتبر اشارة جديدة على أن متشددي النظام يسعون لتحطيم الإصلاحيين.

وقالت مواقع إيرانية معارضة إن قوات الأمن وصلت الى بيت خاتمي في العاصمة الإيرانية لتمنعه من حضور اجتماع مع حلفاء سياسيين، في حركة وصفها موقع معارض بـ"اعتقال منزلي مؤقت".

وخدم خاتمي، وهو زعيم ديني مؤيد للإصلاح ويحظى بشعبية واسعة، دورتين رئاسيتين، ما بين 1997 و2005، ولكنه مُنِعَ لاحقاً من الظهور العلني نتيجة دعمه لمظاهرات ضد الحكومة في العام 2009. وكان أمر من المدعي العام، مطلع تشرين الأول/أكتوبر، قد شدد من تلك القيود، بحسب أحد محامي خاتمي، بعد فرض إجراءات تتضمن حظر استقبال الزوار السياسيين لثلاثة أشهر.

الحكومة لم تؤكد علناً تلك القيود. لكن حادثة الأربعاء قد وُصفت أنها جزء من صراع أوسع بين شخصيات محسوبة على الإصلاحيين، تحالفت مع الرئيس حسن روحاني، وبين المتشددين في القوى الأمنية والسلطة القضائية. ومن المرجح أن تتفاقم هذه الخصومات، بما أن التصعيد يزداد بين إيران وإدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، التي تعهدت بسياسة أميركية أكثر هجومية تجاه إيران، وبما أن الأطراف السياسية الإيرانية تتسابق على السلطة.

فمن جهة هناك المعتدلون والإصلاحيون، ممن دفعوا باتجاه اصلاح تدريجي للنظام، بما في ذلك من حريات سياسية أوسع وحوار مع الغرب. في الجهة الأخرى هناك متشددو القوى الأمنية ومشايخ المحافظين، ممن أحبطوا الديبلوماسية وقمعوا المعارضين.

في تشرين الأول/أكتوبر، حكمت محكمة إيرانية على سبعة مشرعين إصلاحيين، من بينهم أخ لخاتمي، بسنة في السجن بسبب "بروباغاندا ضد الدولة". نشطاء حقوق الإنسان نشروا أيضاً تقاير عن حظر سفر جديد صدر بحق أقارب للرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني.

التحرك ضد خاتمي، 74 عاماً، حامل راية حركة الإصلاح الإيرانية، على الأرجح سيزيد من المخاطر. فخاتمي ما زال يحظى بشعبية واسعة بين الشباب الإيراني، والطبقة الوسطى المدينية، بحسب محللين.
وشعبية خاتمي كإصلاحي " مزعجة بعمق للأجهزة الأمنية والمخابرات الإيرانية" بحسب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر نادر هاشمي، فـ"الناس ينظرون إلى رئاسة خاتمي، وبرنامجه الإصلاحي كذكريات جميلة"، و"يمكن القول، هو أكثر سياسي إيراني شعبية اليوم".

وخضع خاتمي للضغوط منذ عمّت المظاهرات الشعبية إيران في العام 2009 بعد إعادة انتخاب مثيرة للانقسام للرئيس محمود أحمدي نجاد، المتشدد، وسط ادعاءات للنشطاء بأن الزعماء الإيرانيين تلاعبوا بالتصويت ضد الإصلاحي مير حسين موسوي. موسوي، والمرشح الرئاسي الآخر في تلك الانتخابات مهدي كروبي، يخضعان للإقامة الجبرية منذ العام 2011.

ومُنِعَت وسائل الإعلام الإيرانية، بشكل مؤقت، من نشر صور أو إسم خاتمي في العام 2015. ومع ذلك، في أيار، تحدى خاتمي الحظر لدعم روحاني في إعادة انتخابه. ومنذ ذلك الحين، يتشاحن روحاني مع السلطة القضائية وقادة من "الحرس الثوري". مطلع تشرين الأول انتقد روحاني مسؤولين قضائيين حول القيود الجديدة على خاتمي، في إضافة جديدة من سلسلة التوبيخات التي وجهها روحاني الى المؤسسة الدينية. وقال روحاني خلال خطاب في جامعة طهران في تشرين الأول الحالي: "السلطات القضائية تتصرف وكأن لا شيء لديها لتفعله أفضل من استدعاء الناس للاستجواب". رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، رد بعنف: "إذا كان هناك من أحد، لا يجد شيئاً أفضل ليفعله، هو أنت، من قضى السنوات الأربع الماضية يدافع عن الاتفاق النووي، بشغف، بدا معه وأن لا مشاكل في البلد".

"تقييد حركة خاتمي، ووضعه تحت إقامة جبرية، تحمل رسالة من المتشددين إلى الإصلاحيين"، بحسب الخبير في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" بهنام بن طاليبلو، وهي: "في النهاية، يمكن الاستغناء عنكم".