لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، والذي كرّر الاتحاد الأوروبي تصميمه على إنقاذه، داعياً الولايات المتحدة إلى أخذ مصالحه الأمنية والاقتصادية بالاعتبار، فيما حذرت ألمانيا من «مواجهة عسكرية» مع طهران التي حضّت الدول الست على «إلزام» واشنطن تنفيذ تعهداتها بموجب الاتفاق.
وقال ترامب: «يمكن أن يكون هناك إلغاء كلّي للاتفاق، إنه احتمال فعلي». وأضاف أن المرحلة الجديدة قد تكون «إيجابية جداً. سنرى ما سيحصل». واعتبر أن القادة الإيرانيين كانوا «مفاوضين ممتازين»، وزاد: «فاوضوا على اتفاق رائع بالنسبة إليهم، لكنه كان مريعاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة». وكان الرئيس أبلغ الكونغرس الأميركي قبل أيام أن طهران لا تلتزم الاتفاق، وكلّفه معالجة «نقاط ضعف شديد» فيه، كما اعتبر أن «الحرس الثوري» الإيراني داعم للإرهاب.
موقف ترامب أمس، أتى بعد ساعات على إعلان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، إثر اجتماع في لوكسمبورغ، أن الاتفاق النووي أساسي لمنع انتشار الأسلحة الذرية عالمياً، مشددين على «التزام الاتحاد مواصلة التطبيق الفاعل والكامل لكل بنوده».
وأضاف بيان الوزراء: «وسط تهديد نووي شديد، الاتحاد الأوروبي مصمّم على حفظ (الاتفاق) بوصفه ركيزة أساسية في هيكل عدم انتشار» الأسلحة النووية، ووضع قرار ترامب «في سياق عملية داخلية في الولايات المتحدة». ولفت الوزراء إلى أن الاتفاق كان حاسماً لفتح اقتصاد إيران، البالغة قيمته 400 بليون دولار، وإيجاد سوق جديدة للمستثمرين الأوروبيين.
وناقش الوزراء البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية الذي تشكو واشنطن منه. لكن وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني أعلنت أن الوزراء لم يناقشوا تشديد عقوبات على طهران بسبب هذا البرنامج.
واعتبرت أن الاتفاق النووي «يُطبّق بنجاح، ونحتاج إليه من أجل أمننا»، لافتة إلى أنه «يضمن أن يبقى البرنامج النووي الإيراني سلمياً». وأعلنت أنها ستزور واشنطن مطلع الشهر المقبل لحضّ الكونغرس الأميركي على عدم الانسحاب من الاتفاق، وزادت: «الأمر الحاسم بالنسبة إلينا هو أخذ مصالحنا الأمنية الأوروبية بالاعتبار». ونبّهت إلى أن الانسحاب من الاتفاق «سيجعل فتح حوار أو وساطة مع كوريا الشمالية أكثر صعوبة».
وأصدرت فرنسا وبريطانيا وألمانيا بياناً مشتركاً أعرب عن قلق إزاء «التداعيات على أمن الولايات المتحدة وحلفائها». وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل: «نشعر نحن الأوروبيين بقلق بالغ من أن يقودنا قرار الرئيس الأميركي إلى مواجهة عسكرية مع إيران. حين نفكّر بمحاولات إيجاد حلّ متفاوض عليه مع كوريا الشمالية، ينتابنا قلق من أن التهديد بإنهاء الاتفاق مع إيران ينسف صدقية هذه الاتفاقيات الدولية».
أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، فأعرب عن أمله بألا «يعرّض الكونغرس الأميركي الاتفاق لخطر»، فيما ذكّر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن بأن الأوروبيين «قريبون جغرافياً من إيران أكثر من الولايات المتحدة»، وتابع: «نحتاج إلى الاتفاق الذي يحظّر على الإيرانيين صنع قنبلة ذرية، إنها مصلحتنا الأساسية».
وأعلنت لندن أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلنا التزام بلديهما الاتفاق النووي والعمل لتطبيقه. واستدركت أن الجانبين سيعملان معاً لـ «التصدي لنشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة». وكان ماكرون دعا ترامب إلى «عدم تمزيق الاتفاق»، مشيراً إلى أنه سيزور طهران «في الوقت المناسب». وأضاف أنه اقترح على ترامب «قيادة مشتركة لحوار شاق»، وزاد: «لنكن أكثر تطلّباً مع إيران في شأن نشاطها الباليستي والصواريخ غير النووية التي تُطلقها، وفي شأن عملها في المنطقة».
في المقابل، حضّ علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، الدول الست على «إلزام أميركا تنفيذ تعهداتها» وفق الاتفاق. واعتبر أن «إيران في عهد (خامنئي) لم تبلغ هذا المستوى من الاقتدار منذ عهد السلالة الصفوية»، وزاد: «نقلنا خطوطنا الدفاعية مئات الكيلومترات خارج إيران. ومن أجل درء خطر الكيان الصهيوني، علينا أن نكون في حديقته الخلفية وندعم سورية ولبنان وفلسطين».
أما رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني، فأعلن أن بلاده «تعوّل على الاتصالات مع موسكو».