تتفانى الأمّ إلى حدّ نسيان الاهتمام بنفسها ما يؤثّر في صحّتها الجسدية والنفسية. فحتى لو كنتِ تعشقين أولادكِ من الضروري أن تخصّصي لكِ وقتَ راحة، ما يحافظ على سلامتكِ وسلامكِ الداخلي. هذه ليست أنانية تجاه الأولاد، بل يسمح لهم استرخاؤكِ بالتمتّع بأمٍ أفضل، أكثر انفتاحاً وحيوية وعصرية. 

اكتشفت «ساميا» متأخرة وهي على أعتاب السبعين عاماً، أنّ العمر مرّ دون أن تعتني بنفسها. تنظر متأسفةً إلى صورة جمالها الذابل في المرآة، وتتأمل بزوج وأبناء اعتادوا الاتّكال عليها إلى حدّ أنها تنام يومياً في سريرها وهي تشعر أنها ستموت من التعب. وتؤكد: «لو أتيت إلى العالم مرّة أخرى سأضع نفسي في سلّم أولوياتي وبعد نفسي أولادي وبعدهم زوجي».
 
عندما تهمل الأم نفسها يعتاد الجميع الاتكال عليها ويستفحل زوجها برجولته المتطرّفة فلا يساعدها في أيّ عمل منزلي، وغالباً ما يتوّج أولادها وضعها المزري بمتطلباتهم الكثيرة.
 
الخروج للترفيه، رؤية الأصدقاء، التسوّق... خطوات تؤجّلها الكثير من الأمهات يومياً وسط زحمة الانشغالات إلى حدّ إهمالهن أنفسهن ونسيانها بالكامل. وعندما تخصّص الأم وقتاً لها غالباً ما تشعر بالذنب، فتلوم نفسها لعدم منح أولادها هذا الوقت والاهتمام بهم خلاله.
 
تؤكد الكاتبة الفرنسية سامنتا ايتوس أنّ الأمهات يمزجن مفهوم طول الوقت الذي يمضونه مع الأولاد بنوعيّة الوقت. وتشير إلى أنّ «الوقت الذي تمضيه الأم مع طفلها لا يرتبط بنوعيّة هذا الوقت». وتضيف: «عندما تدرك الأم ذلك تتحسّن حياتها وعلاقتها بأولادها». إليك بعض نصائح الخبراء للتمتّع بوقت الفراغ دون أن يتآكلك شعور الذنب.
 
إفعلي ما يحلو لكِ

لقاءٌ شهري صباحي مع الصديقات، ممارسة الرياضة، الذهاب إلى السينما وتنمية حياة اجتماعية... كلها نشاطات تساعدكِ على الشعور بالاتزان والسعادة والانشراح. فالأهل بحاجة لتمضية وقت مع الأصدقاء مرّة أسبوعياً بحسب إيتوس. وتشدّد الخبيرة على أنّ ما يفيد الأهل يفيد الأولاد أيضاً. أمّ سعيدة وأكثر قدرة على الصبر تفيد نفسها وجميع أفراد العائلة.
 
نظّمي وقتكِ

تأكدي أنّ أصدقاءكِ متوفّرون في هذا الوقت حين تخطّطين للخروج، وذلك لتدبّري شخصاً يبقى مع الأولاد خلال غيابكِ عن المنزل. وحضّري برنامج خروجك مسبقاً حتّى لو كان مع زوجك.
 
لا تلومي نفسكِ ولا تعتذري

ليس عليكِ أن تعتذري إذا قرّرتِ منحَ نفسك الوقت. فبدل أن تتأسّفي لأولادك لأنك ستخرجين، قولي لهم مثلاً: «إحزروا ماذا سأفعل هذا المساء؟ أنا ذاهبة للتسلية مع أصدقائي». وتصرّفي كذلك مع زوجكِ. لا تشعري بالذنب إذا طلبت منه أن يحلّ مكانك في البيت ويبقى إلى جانب الأبناء، بشرط أن تكون له في المقابل أوقات ينفّس فيها عن ضغط الحياة والعمل والأعباء.
 
خطوة خطوة

إذا اعتاد أطفالك على تواجدكِ دائماً بقربهم وجهوزيتك لخدمتهم، لا تتركيهم فجأة وتسافري أسبوعين بعد أن كنتِ ترفضين الابتعاد عنهم لدقيقة، بل ابدأي بتخصيصِ قيلولة لكِ بعد الظهر، وبعدها وقتٍ لخروجكِ. رويداً رويداً يدرك الجميع أنّ من حقكِ الاستراحة والتمويه عن نفسكِ وأنّ الوضع كذلك سيكون بخير وحتّى أفضل من السابق.