في العام 1977 وفي القرار (32 / 142 ) دعت الجمعية العامة الدول إلى إعلان يوم من أيام السنة يوماً للأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي، وذلك وفقا لتقاليدها وأعرافها التاريخية والوطنية. وقد دعت الجمعية العامة الدول إلى المساهمة في تعبئة الظروف اللازمة للقضاء على التميز ضد المرأة وضمانة مشاركتها الكاملة في التنمية الاجتماعية وعلى قدم المساواة مع الرجل. وقد اتخذ الإجراء غداة السنة الدولية للمرأة ( 1975 ) وعقد الأمم المتحدة للمرأة ( 1976 ـ 1985 ) اللذين أعلنتهما الجمعية العامة. وقد اتفق على أن يكون الثامن من آذار عيداً عالمياً للمرأة .

وعلى خلفية الإضطهاد التاريخي للمرأة فإن الإعلان عن يوم عيد المرأة العالمي من قبل المنظمة الدولية لم يأتي وليد ساعة التفكير به، بل هو نتاج مخاض تاريخي طويل الأمد، سبقته إحداث كبرى من الإحتجاجات ضد اللامساوات، ولم يكن الثامن من آذار إلا خاتمة شكلية لها. فقد أضربت مئات العاملات عام 1857 في نيويورك في إحدى مصانع الغزل والنسيج احتجاجا على انخفاض الأجور وظروف العمل السيئة وسوء المعاملة, ثم تلتها بخمسين عاما، أي عام 1907 إحياء لهذه الذكرى, ثم أعيدت عام نفس الإحتفالية عام 1908، وتوالت كذلك فعاليات مشابهة قي أعوام لاحقة.
أما الطابع العالمي لليوم فقد طرح لأول مرة في عام 1910 من الوفود النسائية الاشتراكية والنسوية المشاركة في مؤتمر الأممية الثانية في كوبنهاكن التي شددت على التضامن العالمي بين عاملات العالم .
وإننا اليوم نحتفل بعيد المرأة العالمي في ظل ظروف إقليمية وعربية وإسلامية تضيق فيها فسحة المساواة ويتعرض فيها فكر المساواة إلى مزيد من التشكيك والضربات المختلفة، وينتعش فيها الفكر المتطرف الديني والسياسي الذي يرمي المرأة خارج إطار عملية الصراع أو تحيدها أو إجبارها على الوقوف إلى جانبه، وتسفيه دورها اللازم في عمليات التغير واعتبارها تابع لاجدوى من مساهمتها في الحياة السياسية والاجتماعية, فأن الجهود الصادقة والحريصة، الدولية منها والإقليمية والقطرية، يجب أن تتوجه إلى أنقاض المرأة من سلوكيات الإذلال والحط من قيمتها الشخصية والاجتماعية وفسح كافة فرص المساهمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمساهمة في بناء مجتمعات أفضل لا تخضع لمزاج الفتاوى الشخصية والاجتهاد المبتذل، فمكانة المرأة ليست موضوعا للاجتهاد بل هي موضوع للمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين قطبين متكافئين.

وفي عيد المرأة العالمي حيث نسمع من هنا بعض الصيحات الخجولة والمبطنة بفكر القمع والكراهية للمرأة، والتي تتجسد في الدعاوى لتخصيص يوم عربي أو إسلامي خاص بعيدها بعيداً عن الاحتفالات الدولية بهذا اليوم، وهذه المحاولات إن بنيت على بعض من الخصوصيات الثقافية والدينية والتي لا معنى لها بحقوق الإنسان، فالإنسان هو الإنسان مهما اختلف دينه ولونه وشكله، فهي محاولات يائسة لتبضيع قضية المرأة وتحويلها إلى أشلاء متناثرة...
فاتركوا للمرأة حريتها ثم قابلوني بعد عام وأخبروني بالنتيجة..؟؟!!