تسببت لي بمتاعب كثيرة وأوجاع عظيمة سلبت مني أغلى  أنواع الراحة وكلفتني مادياً ومعنوياً أثماناً باهظة ؛ والهواية هي : كثيرا من مجالسي في صالونات الحوار الفكري كنت أتبنى فكرة عقائدية أو فقهية او تاريخية أو سياسية معاكسة لقناعاتي وكنت أطرحها بأسلوب أوحي للمستمعين بأنها من قناعاتي  وغايتي من وراء ذلك تفجير الجلسة فكرياً أو سياسيا لكي يعيد النظر المستعمون  بمعتقداتهم ؛ وإن  بعض معتقداتهم الفكرية أو السياسية  كانت تهتز وتتعرض لضربات قاسية فلا تصمد أمام النقاش ولا تملك القدرة للدفاع عن نفسها ؛ كنت أشعر بأن أية جلسة ليست فيها إثارات فكرية تشكك في موروثاتنا الدينية والفكرية والسياسية هي جلسة ميتة جافة نجتر بها أفكارنا المحفوظة التي ورثناها من دون أن نفكر بمدى صحة أدلتها ؛ نقلد فيها الآخرين الذين يفكرون نيابة عنا وكنت أشعر وما زلت بأن هذه العقلية هي عقلية التقليد التي ذمها الله تعالى ذما صريحا في آياته حيث قال لنا سبحانه ما مضمونه { أفلا تتفكرون } { أفلا تتفقهون } { أفلا تتدبرون }  ولا أخفي عليكم سراً أن هذه الهواية خَسَّرَتْني كثيراً من أصدقائي الذين عشت معهم نحو عقدين بمحبة ومودة وحزنت لخسارتهم  ؛ خسرتهم لأنهم عازمون ومصممون على قضاء أعمارهم بالتقليد واجترار الموروث كله كما وصلنا من دون أن ينفقوا دقيقة واحدة من أعمارهم لأجل التفكير بمدى صحة بعض ما ورثناه ؛ هم لا يملكون طاقة تستوعب آثار أية صدمة تكشف لهم عن عدم صحة بعض معتقداتهم ويخافون على مواردهم المالية ومناصبهم في بيئة سوف تعاديهم فيما لو سلكوا طريق التفكير والنقد والتصحيح في منظومتها الفكرية الموروثة ؛ لذلك نستطيع القول إن تغيير فكرة من أفكار  مجتمعنا أمر صعب مستصعب يحتاج إلى أعصاب أنبياء