عندما رشّح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، عارضه كثيرون داخل تيار «المستقبل» وخارجه، وبقيَ البعض على معارضتهم مثل اللواء أشرف ريفي، أمّا البعض الآخر فلم يَشأ السباحة خارج التيا.
 

لم يقتنع ريفي بالترشيح، فمن اللقاء مع الرئيس الحريري في السعودية، الى بيروت أطلق سلسلة مواقف علنية، كان الأبرز منها في ذكرى استشهاد الرائد وسام عيد، رفضاً لترشيح اي حليف لـ»حزب الله» الى الرئاسة، قال يومها: «لا هذا ولا ذاك».

بعد تأييد «القوات اللبنانية» لترشيح العماد ميشال عون، سجّل ريفي الموقف نفسه، ولم يكتف بذلك. ربط انتخاب عون بسيطرة وشيكة لـ»حزب الله» على القرار اللبناني، وتخوّف من وصاية ايرانية على لبنان، بعد انتخاب حليف الحزب في موقع الرئاسة الاولى، يُكرّس اختلال موازين القوى.
في إحدى الجلسات مع مسؤول خليجي قال ريفي: واهم من يظنّ أنّ انتخاب من له ارتباط عضوي بمشروع «حزب الله» سيكون بمثابة تسوية متوازنة، وبالحد الادنى لن يستطيع الافلات لَو رغب بأن يكون وسطياً. الكلام هذا جاء رداً على وعود فَرش بها المروّجون للتسوية، الطريق الى السعودية، بآمال كبيرة، بأنّ عون بعبدا سيكون مختلفاً عن عون الرابية.

كان في استطاعة ريفي أن يمشي في التسوية على قاعدة «حفظ الرؤوس عند تغيير الدول»، لكنه قرّر أن يسجل اعتراضاً تجاوز الموقف السياسي، حيث دعا الى تجمّع شعبي امام مكتبه في طرابلس، وكانت تلك الوقفة الشعبية، الاعتراض الوحيد في الشارع على انتخاب عون، سبقتها يافطات في المدينة علّقها أنصار ريفي تحت عنوان «طرابلس الأبيّة ترفض الوصاية الايرانية»، ما لبث محافظ الشمال ان حاول إزالتها، بغطاء حكومي.

لم يمض على عهد عون سنة، وعلى تشكيل الحكومة أشهراً، ليتبيّن انّ ما تم التحذير منه بدأ يتحقق، في ظل شبه فراغ سياسي على مستوى الحكم، وحالات اعتراضية فاعلة ولا يجمعها إطار واحد.

لم تكن مبادرة ريفي من فراغ. فالاتصالات بين القوى المعترضة، تخَطّت الطابع الثنائي، هي اتصالات جماعية، تتم للمرة الاولى بالتنسيق مع المجتمع المدني، ومع احزاب رفضت النهج القائم ومع شخصيات مستقلة.

هذه الاتصالات مستمرة، ولا تتوقف عند صَوغ ورقة مبادئ، لأنّ القواسم المشتركة لا تحتاج الى عناء لترجمتها. حزب الكتائب يقوم بجهد متواصل كذلك حزب «الاحرار»، والاتصالات مع الرئيس ميشال سليمان قائمة، والشخصيات الشيعية تبدو كأنها الاكثر اندفاعاً، في العمل للاجتماع تحت سقف معارضة ببرنامج واضح.

لكن، وعلى رغم بداية بلورة صورة تقريبية عن قرب انطلاق العمل، فإنّ ما سيعترض طريق المبادرة الجماعية ليس بهامشي.

فتشكيك بعض القوى بالعناوين الوطنية والاصلاحية لهذه المبادرة، بدأ. وهو يعمل تحت ستار أنّ هذه القوى والشخصيات، تسعى الى مجرد تحالف إنتخابي. هذه المقولة ستحاول العناوين الوطنية المشتركة، التي ستطرح امام الرأي العام، إسقاطها.

كما ليس من المستبعد أن تواجه هذه المبادرة، بحملات تشكيك معظمها من وسائل الاعلام القريبة من «حزب الله»، وقد بدأت هذه الحملات فعلياً، ويتوقع ان تتصاعد.

تحاول حركة الاتصالات واللقاءات التي تجري في «بيت الكتائب» و«الاحرار»، وكذلك «حركة شباب المجتمع المدني»، وغيرها من الشخصيات، إسقاط كل محاولة متوقعة للعب على وتر إثارة حسابات ضيقة.

فـ«المبادرة الجماعية هي بنتُ الشغور الوطني، وهي الملاقاة الطبيعية، لضرورة وطنية، حَتّم ولادتها نَهج حُكم لم ينجح في إثبات حدّ أدنى من استعادة صورة الدولة»، حسب رأي أصحابها.