استنكرت مراجع شيعية معتدلة تحدثت لموقع المشارق استمرار تجنيد حزب الله للمراهقين اللبنانيين للقتال بسوريا وأشار رجال الدين هؤلاء إلى أن العديد من المقاتلين المراهقين تتم إعادتهم للبنان جثثاً هامدة.
 

ورأوا أنه ليس من حق الحزب وغيره من الجماعات تجنيدهم، وقد شيع الحزب منذ 8 تموز/يوليو حتى الآن خمسة مقاتلين صغار السن.

وأثار تشييع إبن السادسة عشرة مهدي حسان أبو حمدان بين بلدته تعلبايا البقاعية والضاحية الجنوبية استياء كبيراً في الأوساط الشيعية المعتدلة.

وكان قد نعاه حزب الله على صفحته الخاصة على الفيسبوك "صدى الشهداء" التي ترفل بصور عدد كبير من المقاتلين المراهقين والشباب الذين قتلوا بسوريا منذ بدء الحزب بالقتال فيها.

’ليس من حق الحزب تجنيد القاصرين‘
وفي هذا السياق، رأى المرجع الديني العلامة السيد علي الأمين أن التجنيد "هو حق حصري للدولة اللبنانية، وليس من حق حزب الله وغيره من الأحزاب والتنظيمات القيام بذلك العمل للبالغين فضلاً عن غيرهم من القاصرين".

وقال للمشارق إن الجماعات المسلحة التي تقوم بتجنيد القاصرين تنطلق من خلال حاجتها للعناصر، وليس من خلال رأي الدين في هذه المسألة.

وإعتبر العلامة الأمين أن الحفاظ على النفس البشرية"هي من الواجبات الإلهية"، مشيراً إلى أن الشريعة نهت عن القتل وسفك الدماء.

ورأى إبعاد هؤلاء القاصرين عن ساحات الحروب وإرسالهم إلى المدارس والجامعات "هو إحياء لهم وللمجتمع".

وأكد أن على رجال الدين والعلماء في هذا الاطار نشر الوعي والتنبيه على خطر هذه الظاهرة وأضرارها ومخالفتها للدين للحد منها.

وإعتبر العلامة الأمين أن الكثير من رجال الدين يصمتون عن هذه الظاهرة "خشية من سطوة الأحزاب التي تقوم بذلك" .

وخلص للإشارة إلى أن الدور الأساسي بالمنع يقع على عاتق الدولة اللبنانية "المخولة بتطبيق القوانين على شعبها وأرضها".

عسكرة المجتمع الشيعي
بدوره، أشار الناشط السياسي لقمان سليم إلى أن زج حزب الله بمزيد من الأحداث والمراهقين والأطفال بميادين الحرب السورية "ليست نتيجة نقص بالمقاتلين فقط، إنما كنتيجة منطقية لمعسكرته المجتمع الشيعي".

فبعد سنوات من التلقين العقائدي بات المجتمع الشيعي "يقبل بذهاب أطفاله ومراهقيه للقتال، وكأنهم يذهبون لتنفيذ عمل مأجور"، وفق ما قال للمشارق.

وقال : "نكرر منذ سنوات عديدة أن حزب الله يعسكر الطائفة الشيعية إنطلاقاً من مشاهدتنا لتجنيد أطفال وأحداث فقتلهم بسوريا".

وأضاف أن أطفال من كشافة المهدي شاركوا في تشييع مهدي حسhن ابو حمدان حيث عزفوا نشيد الموت وغيره من أناشيد الحزب.

وعلق بالقول "إن هؤلاء الأطفال لم يبلغوا بعد الحلم، "والمؤسف أنهم يتدربون خلال التشييع على ثقافة الموت.".

وعن موقف الأهالي من تجنيد أولادهم، رأى سليم أن الأهالي بهذا الموضوع ينقسمون لفئات ثلاث، أي فئة قدامى المحاربين، ما يعني أن الأطفال معسكرين، وفئة ممن يدفعها البؤوس المادي والإجتماعي، وفئة مغلوب على أمرها.

ولا يظن سليم أن تجنيد الأطفال "يدخل بسياق النقص بالمقاتلين، بل كثقافة مختلفة ومنطق خاص ومكابرة يحاول الحزب تعمميها".

ولم يستبعد العامل الاقتصادي "الذي يساهم بقبول الأهالي تجنيد أطفالهم لقاء 600 ألف ليرة، و ببلد نسبة البطالة المعلنة فيه هي 30 بالمائة".

وإعتبر أن كشافة المهدي المخصصة للأطفال"هي الحاضنة لتحضيرهم لثقافة الموت".

ولفت إلى أن الطائفة الشيعية "تحتاج لأجيال لترميم ما فعله الحزب بأبنائها".

أوراق تنازل للشهادة
وبسياق متصل، رأى المتابع لملف تجنيد حزب الله للأطفال والأحداث سلمان سليمان الذي فضل استخدام اسم مستعار خوفا على سلامته، أن معظم أهالي الأطفال الذين قتلوا بسوريا "مستاؤون جداً،لكنهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعر غضبهم وحزنهم".

وقال للمشارق: "تسليم زمام أمور الشيعة لحزب الله، والوضع المزري للأهالي ببلداتهم، أباح له تجنيد الأطفال".

ولفت إلى أن هؤلاء يجندون للقتال بسوريا لقاء مبلغ مالي يراوح بين 400 وألف دولار، مقابل "إلزام أهاليهم التوقيع على ورقة تنازل عن أرواح أبنائهم في سبيل الشهادة".

وأوضح سليمان أن "أكثر ما يؤلم بهذا الأمر، رؤيتنا مؤخراً بتشييع المراهق مهدي حسان أبو حمدان [...] مشاركة أطفال ببذات عسكرية بتشييعه".

وقال إن هؤلاء "هم من يرسلون للقتال بسوريا وغيرها".

ولفت إلى أنه بما خص المراهق ابو حمدان "بدل أن يحتفل بنجاحه بشهادة الثانوية العامة، أعيد للبنان بنعش".

وخلص للقول:"يكفي أن نلقي نظرة على مواقع تواصل الحزب، لندرك حجم مأساة الطفولة التي تقتل بسوريا".