شارف أحد فصول تداعيات الحرب السورية على لبنان أن يسدل ستاره، ببدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق خروج جبهة فتح الشام من جرود عرسال، وإن تظل تفاصيل نهايته مثار جدل في ظل شكوك وتساؤلات يصعب التوصل إلى أجوبة حاسمة بشأنها
 

بدأ حزب الله اللبناني و”جبهة فتح الشام” (النصرة سابقا) تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار على الحدود السورية اللبنانية مع تبادل جثامين مقاتلين من الطرفين.

وينهي الاتفاق الذي أعلنت عنه مديرية الأمن العام اللبناني في 27 يوليو العملية العسكرية التي بدأها حزب الله ضد “جبهة فتح الشام” في جرود بلدة عرسال الحدودية.

وكان حزب الله قد أطلق منذ أكثر من أسبوعين عملية عسكرية ضد جبهة فتح الشام في جرود عرسال، وأثارت هذه العملية تساؤلات كثيرة، لعل أبرزها لماذا الجبهة تحديدا، فيما تنظيم داعش وهو التحدي الأكبر منتشر في أكثر من بقعة على الحدود السورية اللبنانية ويحتفظ بتسعة جنود لبنانيين أسرى لديه؟

ويتبنى العديد من المراقبين وجهة النظر القائلة بأن العملية التي تم إيقافها بعد أيام قليلة من انطلاقها لم تكن سوى دعاية إعلامية للحزب الغرض منها التسويق لانتصار له بعد الضربة التي تلقاها مع راعيته إيران في الجنوب السوري، وكذلك تحسين صورته في الداخل اللبناني التي اهتزت بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة جراء انخراطه في معارك إقليمية تخدم الأجندة الإيرانية.

ويشير هؤلاء إلى أن اختيار جبهة فتح الشام لم يكن اعتباطيا حيث أن الأخيرة لها ارتباطات بقطر التي باتت تدور في الفلك الإيراني، وبالتالي التوصل مع الجبهة إلى صفقة لن يكون بالأمر الصعب على الإطلاق.


معين المرعبي: ما يجري في منطقة عرسال عملية تهجير قسري ينفذها حزب الله
وتولى الأحد الصليب الأحمر والأمن العام مهمة تسلم جثامين 5 قتلى من حزب الله لدى النصرة، بالتوازي مع تسليم الحزب جثامين 9 عناصر من النصرة، لنقلهم إلى بلدة اللبوة اللبنانية الحدودية تمهيدا لإدخالهم إلى سوريا.

وقال الإعلام الحربي التابع للحزب على صفحته الرسمية بشبكات التواصل الاجتماعي في وقت سابق إن “الهيئة الصحية التابعة للحزب ستنقل جثث مسلحي النصرة على أن ينقل الصليب الأحمر رفات عناصر الحزب”.

وإلى جانب تبادل الجثامين ينص الاتفاق على رحيل جميع مقاتلي النصرة من المنطقة المحيطة بعرسال برفقة أي مدنيين يرغبون في المغادرة معهم من مخيمات اللاجئين بالمنطقة نحو محافظة إدلب (شمال غرب)

وأكد مصدر أمني في لبنان أن أكثر من ثمانية آلاف شخص سجلوا أسماءهم ليغادروا المنطقة الحدودية برفقة مقاتلي الجبهة متجهين إلى إدلب التي تبسط الأخيرة سيطرتها عليها، بعد اقتتال دامٍ لها مع حركة أحرار الشام.

واعتبر وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي “أن ما يجري في عرسال عملية تهجير قسري ينفذها حزب الله”.

وتتخوف العائلات النازحة من مخاطر قد يواجهونها داخل الأراضي السورية في ظل غياب أي ضمانات، والاتهامات التي تلاحقهم جراء خروجهم ضمن صفقة سطرتها جبهة فتح الشام المصنفة إرهابية.

ويشمل اتفاق الجبهة والحزب أيضا تسليم جبهة فتح الشام لخمسة عناصر من حزب الله تم أسرهم في العام 2016.

وبحسب مصادر أمنية مطلعة فإن الاتفاق “يشمل أيضاً سرايا أهل الشام، والتي ستتجه عناصرها إلى بلدة الرحيبة، في ريف دمشق”.

وتسلم الجيش اللبناني لوائح بأسماء أكثر من 200 مقاتل من سرايا أهل الشام، سيتوجه السواد الأعظم منهم مع عائلاتهم إلى الرحيبة، فيما يعود من بقي منهم إلى بلداتهم الواقعة تحت السيطرة السورية ضمن التسويات التي تعقدها مع المقاتلين الذين يلقون سلاحهم.

وكانت سرايا أهل الشام وهي فصيل تابع للجيش الحر، أول من بادر إلى إعلان وقف إطلاق النار في عرسال بعد وساطات مع الحزب. ولفتت المصادر إلى أن “مهلة تنفيذ الاتفاق لن تكون مفتوحة، بل ستكون خلال الأيام القادمة”. مرجحة أن تنتهي “قبل بداية أغسطس المقبل”.

ويؤشر إغلاق ملف جبهة النصرة إلى قرب المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية على الحدود السورية اللبنانية والتي يرجح أن يتولاها الجيش اللبناني وليس حزب الله.

وتحظى هذه المعركة التي تتركز أساسا في منطقتي القاع ورأس بعلبك بغطاء سياسي وشعبي داعم للجيش.