تفجّر قضايا على صلة بمحاولات إيران زعزعة استقرار جيرانها الخليجيين بشكل متزامن في ثلاثة من بلدان الخليج، ليس صدفة بقدر ما هو انعكاس لسياسة إيرانية ممنهجة تثابر طهران على انتهاجها منذ قرابة الأربعة عقود من الزمن وتقوم على استخدام الإرهاب وسيلة لتزعّم المنطقة
 

كشفت وسائل إعلام سعودية، الأربعاء، عن محاكمة رجلين بتهمة التخابر مع إيران بشأن استهداف منشأة نفطية داخل المملكة.

وتصادف ذلك الكشف مع إعلان السلطات البحرينية عن فتح تحقيق مع متهمين بالتخابر مع حزب الله اللبناني المعروف بولائه لإيران وتلقي تمويلات منه لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة والعمل على تشويه صورتها وصورة عدد من بلدان الخليج.

وجاء ذلك فيما كانت السلطات الأمنية الكويتية تواصل البحث عن عناصر خلية ذات صلة بإيران وحزب الله تمكّنوا من الفرار بعد أن أدينوا بتهريب أسلحة وتخزينها بالكويت استعدادا لتنفيذ أعمال إرهابية.

وتؤكّد مختلف تلك الأحداث مجدّدا ضلوع إيران في محاولة اختراق بلدان الخليج أمنيا تمهيدا لزعزعة استقرارها الذي يعتبر أحد أبرز نقاط قوّتها قياسا بمحيطها المضطرب.

ويبدو ذلك متناقضا جذريا مع خطاب سياسي لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني يقوم على الدعوة إلى الحوار والتعاون مع بلدان الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية، “لإنهاء الصراعات في المنطقة”، وفق ما ورد في أحدث تصريح لوزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية تمكّنت بلدان خليجية من جمع أدلّة وبراهين ملموسة على ضلوع إيران في أنشطة مزعزعة لأمن الخليج من قبيل تشكيل الخلايا الإرهابية وتمويلها وتسليحها وتدريب عناصرها سواء داخل الأراضي الإيرانية على يد عناصر الحرس الثوري، أو داخل الأراضي العراقية واللبنانية على يد ميليشيات موالية لإيران من بينها حزب الله.

كما تم في أكثر من مناسبة إحباط محاولات إيران لزرع خلايا التجسس داخل بلدان الخليج، وخصوصا داخل السعودية التي تعتبرها طهران غريمتها الرئيسية في المنطقة.

وذكرت صحيفتان سعوديتان، الأربعاء أن رجلين مثُلا أمام المحكمة بتهمة التجسس لصالح إيران والتآمر على مهاجمة خط أنابيب نفطي رئيسي.

وقالت صحيفة مكة وصحيفة الوئام المحلّيتان إنّ سعوديين يعملان بقطاع التعليم يواجهان اتهامات بجمع المعلومات عن خط أنابيب يصل شرق المملكة بغربها، والتآمر على تفجيره.

وقالت صحيفة مكة إن النائب العام في الرياض طلب من القاضي الحكم في القضية لكن القاضي أعطى المعلّمين فرصة ثلاثة أسابيع للدفاع عن نفسيهما في جلسة أخرى.

وينقل خط أنابيب بترولاين، الذي تبلغ سعته خمسة ملايين برميل يوميا، النفط الخام من حقول في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر لتصديره لأوروبا وأميركا الشمالية ويمكنه نقل نحو 60 بالمئة من إجمالي صادرات المملكة من النفط.

وذكرت الصحيفتان أن ممثل الادعاء عرض الاتهامات التي شملت التجسس لصالح إيران وتقديم معلومات سرية عن خط الأنابيب النفطي لزعزعة الأمن على المحكمة الجزائية المتخصصة.

وفي البحرين أعلنت نيابة الجرائم الإرهابية، حبس أربعة متهمين احتياطيا على ذمة التحقيق في قضايا تتعلق بالإرهاب والتخابر وتلقي تمويل من حزب الله اللبناني المصنّف إرهابيا من قبل البحرين وعدد من بلدان الخليج، بغرض تشويه سمعة المملكة وعدد من بلدان الخليج.

ونقلت وكالة الأنباء البحرينية عن أحمد الحمادي، رئيس نيابة الجرائم الإرهابية، أنه تم مساء الثلاثاء الشروع بالتحقيق في واقعة تنظيم وإدارة جماعة على خلاف أحكام القانون.

وتواجه الجماعة تهمة “تعطيل أحكام القانون والإضرار بالوحدة الوطنية، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها لتحقيق وتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها”.

كما بيّن أن من بين الاتهمات الموجهة لها “التخابر مع من يعملون لمصلحة منظمة في الخارج، تمارس نشاطا إرهابيا، للقيام بأعمال إرهابية ضد مملكة البحرين ونشر أخبار كاذبة من الممكن أن تحدث ضررا بالأمن الوطني والنظام العام”.

سلوك إيراني على طرف نقيض من الخطاب السياسي لحكومة حسن روحاني الداعي إلى الحوار والتعاون مع الخليجيين
وأفاد بأن الأجهزة الأمنية “تمكنت من ضبط أحد المتهمين قام بتأسيس ما يسمى مرصد المنامة لحقوق الإنسان، للعمل من خلاله كواجهة وستار لدعم الأعمال الإرهابية، التي يقوم بها داخل البحرين”.

وأشار إلى أنه “تبين من خلال التحريات وجمع المعلومات، أن مؤسس ذلك التنظيم الإرهابي يتلقى الدعم المادي لتسيير أعمال التنظيم الإرهابية من حزب الله اللبناني” .

واتهم الحمادي حزب الله “بتمويل ودعم العديد من الأشخاص الذين ينتمون لعدد من المنظمات الحقوقية، وذلك بهدف إرسال تقارير مزوّرة عن حالة حقوق الإنسان في البحرين والسعودية والإمارات، بغرض تشويه سمعة تلك الدول والنيل من هيبتها أمام الرأي العام الدولي”.

وبيّن أنّ من المتهمين امرأة وصفها بأنها “تتخفى خلف العمل الحقوقي للتواصل والتعاون مع مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان (قطرية)، وذلك لتزويدها بمعلومات وأخبار كاذبة ومغلوطة عن الأوضاع بالبحرين للنيل من هيبتها في الخارج”.

ولا تستثني الأنشطة الإيرانية الرامية لزعزعة استقرار منطقة الخليج دولة الكويت رغم ما يجمعها بإيران من علاقات تعتبر جيدة قياسا بعلاقات دول خليجية أخرى بطهران.

وتخوض السلطات الأمنية الكويتية منذ أيام ما يشبه سباقا ضدّ الساعة بحثا عن مدانين في ما يعرف بقضيّة “خلية العبدلي” نسبة إلى منطقة بشمال البلاد كان قد ضبط فيها مخبأ كبير للأسلحة، وتبيّن أن ذلك مرتبط بخليّة إرهابية على صلة بحزب الله اللبناني وذات علاقة مباشرة بإيران عبر أحد موظفي سفارتها بالكويت والذي أدين في القضيّة وحكم عليه بالإعدام.

وتمكّن عدد من المُدانين من الفرار مستغلّين إطلاق سراحهم حين قضت محكمة الاستئناف بتبرئتهم بانتظار إعادة النظر في قضيّتهم من قبل محكمة التمييز التي أعادت في يونيو الماضي إقرار أحكام ثقيلة بحقّهم بلغت السجن عشر سنوات والسجن المؤبد والإعدام.

وفي بلاغ أصدرته عبر وكالة الأنباء الرسمية وعدد من وسائل الإعلام، دعت وزارة الداخلية الكويتية، الأربعاء، المواطنين والمقيمين إلى الإدلاء بأي معلومات تتوفّر لديهم بشأن الفارّين الذين وصفتهم بـ”المتوارين عن الأنظار”، وأرفقت بلاغها بأسمائهم وصورهم ومن بينهم الإيراني عبدالرضا حيدر دهقان المحكوم عليه بالإعدام.

ورجّحت مصادر كويتية، أن يكون الفارون قد تمكّنوا من العبور إلى إيران في زوارق سريعة عبر البحر من خلال عملية منسّقة وجرى الإعداد لها بشكل مسبق من قبل جهات من الداخل الإيراني كون الخلية مرتبطة أصلا بالحرس الثوري، ما يجعل عملية البحث متأخرة.