أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين أن "الإنسان هو الحياة ولاجل بقائه واستمرارية إعماره للأرض تعمل كل المنظومة الوجودية من ماء وهواء وتعاقب فصول وأيام وليالي ونهارات ولأجله تتنوع الثروات والنباتات. هكذا شرفنا الخالق من خلال هذا الكون القائم على التوازن الدقيق، ما يضع الانسان أمام مسؤولية عظيمة من أجل صون نفسه وبقية المخلوقات. وأحد أهم مفاتيح هذه المسؤولية هوالرعاية الصحية".
في كلمة لها خلال افتتاح جمعية "التوعية الصحية في الشرق الاوسط - هوم"، مؤتمر القمة السنوي الرابع عشر في فندق البستان في بيت مري، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بعز الدين، أوضحت الأخيرة أنه "شرفني فخامة رئيس البلاد وكلفني تمثيله وإلقاء كلمة في حفلكم الكريم، أنتم العاملون في مجال الخدمات الصحية والاجتماعية. والحق يقال أن عملكم يلامس مسائل ذات بعد إنساني خاص وهي مسائل تشكل لفخامته موضع إهتمام ومتابعة وهو الحالم بوطن إنساني".
ولفتت الى ان "الصحة كحالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا وليس مجرد انعدام المرض والعجز بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر هدف الرعاية الصحية في صدارة أهداف التنمية المستدامة ال17 التي تبنتها الأمم المتحدة وتسعى لتطبيقها قبل العام 2030. واللافت أيها الحضور أن منظمة الصحة العالمية تؤكد على ضرورة أن تكون السياسات الصحية جزءا من سياسات الأهداف الأخرى كلها، وهذا ما نؤيده ونقدره وندرك أهميته كأطباء وعاملين في المجال الصحي"، مشيرةً الى "أنني سررت أن جمعيتكم تولي إهتماما للجانب الروحي عند الأنسان أيضا، وهذا أمر في غاية الأهمية وأنا من المؤمنين به ولطالما عايشته خلال ممارسة مهنتي كطبيبة. فالإنسان الغارق في الماديات يحتاج إلى تنمية روحية تمكنه من مواجهة حضارة أصبحت مفرطة في الأنانية وفي استغلال الموارد والأشخاص. البعد الروحي عند الإنسان هو الكفيل باستعادة الألفة بين البشر وباكتشاف معاني الكون وأشيائه ومراقبة أعماقها وحدودها".
وشددت عز الدين على أن "الحفاظ على الصحة بمفهومها الشامل الذي ذكرناه يعد واجبا لا بل هو اليوم تحد أمام المجتمع الأنساني. إن ما نشهده من تعاظم المخاطر على حياة الإنسان بسبب تلوث البيئة والخلل في الغذاء وانتشار الأوبئة وما ينتج عن الحروب والفقر من مآسيٍ، إضافة إلى ضعف منظومات الرعاية الصحية في أكثر من بلد تحتم على جميع العاملين في المجال الصحي مضاعفة الجهود وتعزيزها والعمل على تبادل الخبرات والتعاون الدولي والإقليمي والوطني لإيجاد الحلول والعلاجات المناسبة لهذه الأزمات التي يجب أن تنطلق من رؤية شاملة وعميقة، تراعي الأبعاد المختلفة المتداخلة والمؤثرة في الواقع الصحي".
ورأت ان "القضية ليست مجرد جرعة علاجية موضعية تؤمن للمريض، بل شبكة علاجات على أكثر من صعيد تؤمن مناعة وحماية فتتشكل البيئة المناسبة للعيش السليم وقد قال الحكماء درهم وقاية خير من قنطار علاج. فمشاكل من قبيل التلوث البيئي الناجم عن ازدياد الانبعاثات الخطرة لدورة الانتاج والتصنيع، وازدياد منسوب النفايات المختلفة وسوء التصرف بها، إضافة الى الاعتماد المتزايد على المواد الكيمائية في الري والانتاج الزراعي وأعلاف الحيوانات، واستخدام الاسلحة المحظورة في الحروب المنتشرة في العالم وموجات النزوح والهجرة من مناطق القتال، كلها مسائل يجب ان توضع على طاولة البحث والمتابعة ويجب أن تتشكل لأجل ذلك ورش العمل والفاعليات وشبكات التعاون المتعددة الاذرع كي نحصل على نتائج مرضية ومتناسبة مع حجم التهديدات الماثلة أمامنا".
وشددت عز الدين على "أن المقدمة الضرورية في كل ذلك، هي التعاون الدولي والإقليمي، وتضافر الجهود لإطفاء هذه المشكلات، من هنا كانت دعوة لبنان الدائمة والمستمرة لتعزيز مناخات الإستقرار والسلام في العالم وفي المحيط .حيث أن تخفيف الأزمات والصراعات بين الدول يشكل مناخا مناسبا لإيجاد أطر التعاون لمعالجة المشكلات الصحية والإجتماعية، أما ازدياد الخلافات وما ينتج عنها من تباعد وعزل وقطع للعلاقات بين الدول فمسائل تعقد المضي في إنجاز الحلول المطلوبة لحفظ كرامة الإنسان وعيشه".
ولفتت الى أن "لبنان هو صاحب دعوة دائمة للتلاقي والسلام وكلمة فخامة الرئيس في القمة العربية الأخيرة كانت صوتا مرتفعا في هذا المجال، صوتا لنبذ الفرقة والصراعات والخلافات التي لا تؤدي إلى أي مكان سوى المزيد من الضرر على مجتمعاتنا وبيئتنا وحياتنا وإنساننا. اليوم وأمام مؤسستكم الناشطة والفعالة في مجال الخدمة الصحية والمستندة الى شبكة علاقات كبيرة بين الأطباء وكافة العاملين الصحيين وصاحبة التجربة في عدد من الدول العربية التي تعاني من الحروب والنزاعات نؤكد على ثوابتنا الوطنية المرتكزة علىسياسةواضحة في الإنحياز إلى كل ما يؤمن أفضل حياة كريمة للانسان في بلدنا وفي محيطنا وفي العالم، لذلك نجدد الدعوة لحل كل الخلافات السياسية بالحوار والتعاون، ووضع حد للنزاعات والحروب العبثية والتفرغ لمعالجة المشكلات التي تهدد أصل بقاء وحياة الإنسان على هذا الكوكب البديع والجميل".