تؤدي الطبيعة في عكار أدواراً كثيرة هي من عمل الدولة. وإذ لا نفق ولا جسر يُذكر في هذه المنطقة ليُخفّف من وطأة السير الكثيف ويحلّ المشكلات، فإنّ أنفاقاً من نوع آخر نسَجتها الطبيعة في أكثر من مكان، ولا سيما في منطقة السهل، أعطت المنطقة الطابع الجمالي المميّز.
 

لا يمكن أن تتخيّل جمال المشهد والشعور الروحاني الذي ينتابك وأنت تمرّ داخل نفقٍ من نَفقي الأشجار في قريتي الحيصا وتل أندي مظلّلاً بمئات الأشجار العملاقة من الكينا والسرو والكزبرينا الشامخة والمعمّرة.

سهل عكار

لم تحظَ عكار وكذلك سهلها بأيّ نفق باطوني يُخفّف من زحمة السير ولا سيما عند مفترق برقايل - الجرد ومداخل حلبا والعبدة. وحدها الطبيعة أعطت هذه المنطقة حقها من الجمال والإنماء، لن نتحدث عمّا تحويه من مناظر خلّابة وبيئة رائعة وسهل وجبل وبحر، لأنّ الحديث مخصَّص لنفقَي عكار وتحديداً في منطقة سهل عكار، في قريتي الحيصا وتل أندي شمالاً.

أنفاق شجرية

هناك في سهل عكار نفقان من الشجر، واحد في قرية تل أندي - طريق العبودية في اتجاه الحدود السورية، وآخر في قرية الحيصا على الطريق الذي يربط قرى السهل ببلدة حلبا.

الأول يمتد بطول نحو الكيلومتر ويقال إنّ المرحوم السيد وجيه هوشر زرع شجره في ستينات القرن الماضي «من أجل حماية بساتين الليمون والحمضيات التي تشتهر بزراعتها مناطق سهل عكار من الرياح العاتية التي تضرب المنطقة شتاءً»، فتحوّل هذا الشجر مع مرور الوقت والسنين إلى ما يشبه النفق الطبيعي نتيجة التصاقه ببعضه من جهتي الطريق، حيث يشعر الوافدون إلى لبنان من الحدود السورية أو المتجهون من لبنان إلى سوريا عبر ممر العبودية بجمال هذا النفق الطبيعي، وكثيراً ما تتوقّف السيارات على جانبيّ الطريق من أجل التقاط الصور التذكارية تحت ظلال الأشجار، وغير مرة توقفت «مسيرات العرسان» على هذا الطريق لالتقاط الصور والفيديو، كما روى لنا الأهالي في قرية تل أندي وجوارها.

ويتمنى أهالي المنطقة «لو تهتمّ الدولة بهذه الأشجار المميزة بجمالها فتعمل على رشّها بالمبيدات والاهتمام بها والاستفادة منها بشكل يدعم السياحة والاصطياف في المنطقة».

وعلى غرار نفق تل أندي، هناك نفق الحيصا المكوّن من شجر السرو والكينا والكزبرينا، وقد شرح السيد عبد الكريم بدوي القيّم على هذه الأشجار «أنّ زراعتها كانت في الأصل من أجل حماية أشجار الليمون والحمضيات من العواصف والبرد وكل الأضرار التي تحيط بها، وأنّ عمر هذه الأشجار يزيد عن الخمسين عاماً وشكّلت بالتقائها بعضها مع بعض من جانبيّ الطريق منظراً طبيعياً رائعاً ومميزاً، دفع بالكثيرين إلى زيارة القرية لرؤية هذه المشاهد الطبيعية الخلابة والمشي تحتها والتقاط الصور والفيديوهات التذكارية».

وأوضح أنّ «طريق النفق يربط قرى سهل عكار ببلدة حلبا وهو مصنّف كطريق رئيس بطول أكثر من 10 أمتار على الخريطة، ومع ذلك فإنّ طوله الحقيقي الآن لا يتعدى الـ 4 أمتار في التنفيذ».

وقال: «إذا كان الكلام عن أنفاق باطونية في عكار حلماً غير قابل للتحقيق، فما الذي يمنع من إنشاء طريق بمواصفات جيدة وتَوسِعة مقبولة؟ نحن نطالب وزارة الأشغال بإعادة تلزيم هذه الطريق على أسس علمية وهندسية عصرية لأنّه ممر إلزامي للوافدين من السهل في اتجاه حلبا وبقية مناطق الجومة والشفت».

هذه هي طبيعة عكار المعطاءة تتفوّق في عطائها على كل ما عداها، والطبيعة تقول «عكار تستحق»، فمتى تقول الدولة أيضاً «عكار تستحق !».