أثار تصعيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاجئ ضد إسرائيل والدعوة إلى حماية المقدسات، تساؤلات كثيرة خاصة وأن العارف بشخصية أردوغان يدرك أن القضية الفلسطينية ليست سوى ورقة يرفعها في كل مرة لتحقيق أهداف معينة، ويربط كثيرون هذه الهجمة من الرئيس التركي برد فعل إسرائيل على وثيقة حماس
 
تمر العلاقات الإسرائيلية التركية بأزمة جديدة تهدد بنسف اتفاق المصالحة الموقع بين الطرفين في يونيو 2016، وذلك على خلفية هجوم شنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الحكومة الإسرائيلية التي اتهمها باعتماد سياسات عنصرية.
 
وهذه المرة الأولى منذ أشهر التي يشن فيها أردوغان هجوما شرسا على إسرائيل، حيث كان يتحاشى إلى وقت قريب توجيه أي انتقاد لها، الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول هذا الموقف التركي المستجد.
 
وشبه الرئيس التركي السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بالإجراءات العنصرية التي كانت تنفذ في ظل نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
 
وحذر الولايات المتحدة من نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وقال في مناسبة أقيمت في إسطنبول وركزت على القدس إن مثل هذه الخطوة “خاطئة للغاية” ويجب التخلي عن مثل هذه التصريحات.
 
تصريحات أردوغان أثارت ردود فعل غير متوقعة من الجانب الإسرائيلي، حيث سارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الثلاثاء، إلى استدعاء السفير التركي كمال أوكيم وطلبت توضيحات عن تلك التصريحات.
 
وقبلها ردت الخارجية ببيان قالت فيه إن “الذي ينتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي في بلاده يجب ألا يعظ الديمقراطية الوحيدة في المنطقة”.
 
وهاجم رئيس البرلمان الإسرائيلي يولي أدلشتاين أردوغان في حديث للإذاعة العامة قائلا إنه “لا يجب أن ينسى أحد أن أردوغان كان عدوا وسيبقى عدوا”.
 
في المقابل، رأى وزير الإسكان يواف غالانت أن إسرائيل وتركيا بحاجة للحفاظ على العلاقات بينهما، مؤكدا في حديث لإذاعة الجيش أن “إدلاء أردوغان بين الفينة والأخرى بتصريحات تحريضية تعكس مصالحه الخطابية السياسية..دعوه يتكلم، نحن أيضا نعرف كيف نتكلم”.
 
وأوضح غالانت “عندما يتعلق الأمر بالممارسة، أعتقد أن الأتراك لديهم مصالح أخرى”، مشيرا إلى العدد الكبير للسياح الإسرائيليين الذين يزورون تركيا بالإضافة إلى إمكانية بناء خط أنابيب لتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل.
 
وتساءل المحلل السياسي الأردني زيد النوايسة في تصريح لـ”العرب” “كيف يمكن فهم الغضبة التركية من عملية نقل السفارة للقدس الشرقية وقلقها على المسجد الأقصى ومندوبها رفض قبل أيام قليلة التصويت ضد إسرائيل باعتبارها قوة احتلال في اليونسكو”.
 
ويرى محللون آخرون أن التصعيد التركي المفاجئ ضد إسرائيل مرتبط أيما ارتباط برد فعل إسرائيل على الوثيقة السياسية التي أعلنتها حماس مؤخرا.
وشن المسؤولون الإسرائيليون هجوما لاذعا على حماس ووثيقتها، ووصل برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حد تمزيق الوثيقة ورميها في حاوية القمامة.
 
وأعلنت حماس الأسبوع الماضي عن وثيقة تضمنت الإطار العام لمسار الحركة خلال السنوات المقبلة، وأقرت فيها بالقبول بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وحذفت بند السعي إلى تدمير إسرائيل.
 
وأكدت مصادر قريبة من حماس أن هذه الوثيقة جاءت بعد ضغوط من تركيا وقطر بغرض إعادة تدوير حماس والتسويق لها كبديل للسلطة الفلسطينية.
 
ومعلوم أن الدولتين تريدان سحب البساط من الرعاة التقليديين للقضية الفلسطينية، وهما تعتبران أن التسويق لحماس المعتدلة قد يفتح الباب أمامهما للإمساك بالملف الأهم في الشرق الأوسط.
 
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد أكد في جلسة مغلقة في نادي الصحافة بواشنطن منذ فترة أن حكومته ضغطت على حركة حماس للاعتراف بإسرائيل، والقبول بحل الدولتين وإلقاء السلاح.
 
وجرت خلال الفترة التي سبقت عودة العلاقات التركية الإسرائيلية نقاشات بين الجانبين تمحورت حول ضرورة أن تغير حماس من خطها “الراديكالي”، وكان ذلك من بنود الاتفاق بين أنقرة وتل أبيب.
 
ويقول مراقبون إن رد فعل تل أبيب على الوثيقة، استفز كثيرا أنقرة التي تشعر أن جهودها في التسويق لحماس المعتدلة تصطدم بالتنعت الإسرائيلي.
 
ويرى مهتمون بالشأن التركي أن التصعيد المسجل لن يتجاوز الخطوط الحمراء، وأن الأمور ستتجه نحو التهدئة في ظل حاجة تركيا خاصة لاستمرار تحالفها مع إسرائيل.