بـ "السلاح الثقيل" باتتْ تدور المعركة المستعرة حول قانون الانتخاب في لبنان والتي استولدت "حربيْن موازيتيْن" الأولى على جبهة المسار الممكن لإقرار هذا القانون "قيصرياً" (بالتصويت) والثانية على محور ما بعد الفشل المحتمل في التوصل إليه والذي يعني دخول البرلمان في مرحلة فراغٍ ما إن تنتهي ولايته في 20 يونيو المقبل.

ورغم أن أوساطاً سياسية تتعاطى مع ما يشبه "شحْذ السكاكين" في ملاقاة الأربعين يوماً الفاصلة عن 20 يونيو على أنها "من عُدة" لعبة "عرض القوّة" التي تُسابِق "المهل القاتلة" وتحسين شروط تفاوُض "حافة الهاوية"، إلا أن هذه الأوساط لا تُسقِط الخشية من انفلات "المكابح" التي تفرْمل انفجار أزمة قانون الانتخاب وتَطايُر شظاياها في أكثر من اتّجاهٍ بحال استفحلتْ حال المعاندة والتمتْرس خلف نياتٍ يُشتمّ منها تصفية حساباتٍ إما "بمفعول رجعي" يتّصل بالانتخابات الرئاسية الأخيرة وإما في سياق "ربْط نزاع" مع الاستحقاق الرئاسي المقبل.

وفي رأي أوساطٍ مطّلعة أن الحريري، الذي كانت كلّ المؤشرات تدلّ على أنه يعتزم إطلاق طرْحٍ انتخابي تسْووي يشكل نقاط التقاء بين مختلف القوى ويقوم على النسبية الكاملة على أساس دوائر متوسطة مع إعلان نيات في شأن مجلس الشيوخ، لا يمكنه إطلاق مثل هذه المبادرة في غمرة اشتداد "العاصفة" على خط العلاقة بين عون وحزبه من جهة وبين بري ومن ورائه شريكه في الثنائية الشيعية "حزب الله" من جهة ثانية، لا سيما ان رئيس الحكومة يعتبر ان ما سيقدّمه هو بمثابة "الفرصة الأخيرة" بعدما تَهاوتْ كل الصيغ التي طُرحت سابقاً.

وفي حين شكّلت تغريدة بري قبل ظهر أمس التي شنّ فيها هجوماً لاذعاً على عون والتيار الحر ضمناً من بوابة ملف الكهرباء وخطة استئجار بواخر لتوليد الطاقة صيفاً إشارة إضافية الى سوء الأحوال بين رئيسيْ الجمهورية والبرلمان، فإن الأوساط المطلعة تعتبر أن "خط الدفاع الهجومي" الذي رسمه الثنائي الشيعي تحت عنوان "الفراغ الشامل" بعد 20 يونيو يَستهدف في شكل رئيسي عون الذي ذهب قريبون منه إلى اعتبار أن لا فراغ عند انقضاء ولاية البرلمان على قاعدة ان بإمكان الحكومة الدعوة الى انتخابات نيابية خلال ثلاثة أشهر (وفق قانون الستين النافذ) كما لو أن البرلمان بات منحلاً، وذلك في معرض احتدام عملية "عض الأصابع" حول قانون الانتخاب والضغط لمنْع اي تمديد بلا قانونٍ يحسّن التمثيل المسيحي ويوفّر كتل مسيحية وازنة (ثلث البرلمان وأكثر) يقودها التيار الحر تسمح بالتحكم بمسار الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ورغم أن الأوساط عيْنها لم تستبعد أن تكون معادلة الفراغ في البرلمان أوّله نهاية الحكومة وآخره مؤتمر تأسيسي (وليس قانون الستين) تحمل في طياتها أيضاً انزعاجاً من "تغطية" الحريري الثنائي المسيحي (التيار الحر والقوات اللبنانية) وحماية رفْضهما أي تمديد بلا قانون جديد ما أطاح عملياً جلسة 15 الجاري التشريعية لمجلس النواب، إلا أنها اعتبرتْ أن هذا «التطاحن» وكلام الحريري لا يعني سقوط المساعي لإنضاج مَخرج بقدر ما هو حضّ على إطفاء محركات التصعيد ووقف "عرْض العضلات" المتبادل.