الرئيس فرنسوا هولاند يدعو الفرنسيين إلى منع اليمين المتطرف من تحقيق معدلات تصويت عالية
 

لا يبدو مشهد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 7 مايو المقبل محسوما. فالنتائج التي حققها المرشح إيمانويل ماكرون “24 بالمئة” متقدما على منافسته مارين لوبان “حوالي 21 بالمئة”، والدعوات التي أطلقها معظم المرشحين للتصويت لماكرون، لم تحسم النتائج التي يمكن لمفاجأة كبرى أن تقلبها لصالح زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف.

بدا أن ماكرون يدرك تماما حساسية هذا الموقف، وأن احتفاله بالنصر مساء الأحد الماضي تلاه صباح جاف عج بالتحذيرات من الارتياح المبكر إلى نصر قد لا يتحقق. وأطلق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تحذيره لماكرون بعد دقائق من دعوته الفرنسيين إلى الدفاع عن الجمهورية والتصويت بكثافة لماكرون.

وكان في دعوة هولاند نداء إلى الناخبين ليس إلى منع لوبان من دخول قصر الإليزيه فقط، بل منع اليمين المتطرف، حتى خاسرا، من تحقيق معدلات تصويت عالية.

وتتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة أن يحصل ماكرون على 64 بالمئة من الأصوات مقابل 32 بالمئة للوبان. وحتى لو خسرت لوبان، وفي حال صدقت هذه الاستطلاعات، فإن حصولها على هذه النسبة من التصويت يعتبر قياسيا ومقلقا، ليس فقط بالنسبة لفرنسا، بل أيضا بالنسبة لبقية البلدان الأوروبية التي ستتأثر أحزابها الشعبوية بإنجاز لوبان في فرنسا.

ورغم أن جان ماري والد مارين لوبان ومؤسس حزب الجبهة الوطنية قد وصل إلى النهائيات الرئاسية عام 2002، إلا أن هزيمته كانت ساحقة، فلم يحصل إلا على نسبة حوالي 17 بالمئة فقط، مقابل منافسه جاك شيراك الذي فاز بنسبة تجاوزت 82 بالمئة. ثم إن فترة الأسبوعين التي تفصل الدورة الأولى عن الثانية آنذاك شهدت خروج مسيرات ضخمة تدعو إلى منع اليمين المتطرف من الوصول إلى الرئاسة، فيما لا تشهد أجواء هذه الأيام نفس الحرارة ونفس الحماس.

واللافت أيضا أن مظاهرات شبابية خرجت منددة بنتائج الانتخابات معربة عن سخطها من مارين لوبان وإيمانويل ماكرون على حدّ السواء، فيما خرجت أصوات تتحدث عن الخيار بين الكوليرا والطاعون. ورغم أن أعداد المتظاهرين لا يتعدى المئات، وهم ينتمون إلى حركات فوضوية أو يسارية هامشية، إلا أن استطلاعا للرأي في شأن نتائج الانتخابات أظهر أن 69 بالمئة غير راضين عن هذه النتائج مقابل 31 بالمئة.

وتعوّل المرشحة اليمينية المتطرفة كثيرا على هذه المعطيات التي تخلت عن رئاسة حزبها مؤقتا للظهور بمظهر “مرشحة الشعب” بدل مرشحة الحزب.

وأظهرت لوبان حيوية مفرطة في حملتها خلال الساعات الماضية، لا سيما حين تقصدت الذهاب لملاقاة عمال مصنع مثير للجدل بسبب خطط لنقله إلى بولندا في نفس الوقت الذي كان فيه ماكرون مجتمعا مع وفد نقابي من المصنع في مكاتب بعيدة عن المصنع والعمال.

واعتبر المراقبون أن لوبان سجلت إنجازا شعبويا انتخابيا لاقى استحسان العمال الذين استقبلوا ماكرون بسخط واستهجان حين أتاهم بعد ساعات.

بيد أن خبراء فرنسيين يعتبرون أن برودة التصويت إذا ما قورنت برئاسيات عام 2002، تعود إلى أن الأمر كان متوقعا هذه المرة ولم يتفاجأ الناخبون بوصول لوبان إلى النهائيات الرئاسية، فيما عجزت استطلاعات الرأي عام 2002 في توقع إمكانية أن يطيح لوبان الوالد بمرشح الحزب الاشتراكي ليونيل جوسبان لينافس شيراك على رئاسة فرنسا.

وستكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد هوية الرئيس المقبل.. ويعتبر الرجل أنه حقق في عام ما لم تحققه كل الأحزاب العريقة وأن أسلوبه وإيقاعه وأفكاره هي التي حملته للدورة الثانية على نحو لا يحتاج إلى دروس من الآخرين.

ولدى ماكرون مخزون من ناخبي مرشحي حزب “الجمهوريون” الديغولي والحزب الاشتراكي اللذين دعوا إلى التصويت له. لكن الخوف من تسرّب كثيف لقسم من هذه الأصوات باتجاه لوبان تبرما من ماكرون.