لم تؤدِ مواقع التواصل الاجتماعي دوراً فاعلاً في انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 2013، على رغم تطوّر ملموس شهدته عن سابقتها عام 2009. لكن مهتمين بهذه الوسائل يشيرون إلى حالة جديدة قد تختبرها الانتخابات المرتقبة، بعدما أبدى ناشطون اهتماماً متزايداً في هذا الصدد، ما يرشّح هذه المواقع لتكون بديلاً للملصقات ووسائل الدعاية الورقية.
ويترقّب الشارع الإيراني المناظرات التلفزيونية المباشرة بين المرشحين الستة، باعتبارها محكاً لصدقيتهم أمام الناخبين، لكن هذه المواقع أثبتت قدرتها على خلق رأي عام، لا سيّما في أوساط الشباب الذين يُعتبرون محرّكاً للعائلات والحلقات الاجتماعية، كما حصل خلال الانتخابات السابقة، سواء الرئاسية أو البرلمانية أو انتخابات مجلس خبراء القيادة.
ونجح الإصلاحيون في الفوز بالمقاعد الـ30 المخصصة لطهران في مجلس الشورى (البرلمان)، كما أدخلوا 14 من 15 مرشحاً لمجلس الخبراء، في لائحة دعمها آنذاك الرئيس الراحل لمجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني والرئيس حسن روحاني، ومن وراء الستار الرئيس السابق محمد خاتمي والرئيس السابق للبرلمان علي أكبر ناطق نوري، وأطاحت المرجع المتشدد محمد تقي مصباح يزدي من المجلس.
وتطوّرت مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، لتصبح من أدوات الانتخابات، بعدما كانت وسيلة ترفيه، إذ شكّلت عاملاً مهماً في فوز روحاني بالرئاسة عام 2013، فيما فشل خصومه في استخدام هذه الوسائل التي بدت ظاهرة جديدة في الحياة الاجتماعية الإيرانية.
وفيما كان واضحاً تحيّز مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمية (إيريب) لمرشحين معيّنين، لجأ أنصار روحاني إلى هذه المواقع، لإحداث توازن، لكن الوضع تغيّر، إذ لمس الأصوليون أهمية هذه المواقع.
ويضمّ المجتمع الإيراني فئة مقاطعة للانتخابات، أياً يكن نوعها، لأسباب ربما تتعلّق بعدم رضاها عن النظام السياسي، أو عدم رغبتها في المشاركة لأسباب عدة. لكن هذه الفئة تنقسم إلى جزءين: الأول اتخذ قراراً قاطعاً بالامتناع عن المشاركة، أياً تكن المؤثرات، والثاني يضمّ أصحاب أصوات رمادية، يدخلون الحلبة عادة بعد شعورهم بخطر يهدّد مصالحهم، الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية. ويختلف انخراط هؤلاء في مواقع التواصل الاجتماعي، لجهة تأثرهم في أجوائها.
ويرى معنيون بهذه المواقع أن مستخدمي «تويتر» و «فايسبوك» أكثر نشاطاً في الانتخابات ممّن يستخدمون تطبيق «إنستاغرام». ومن أبرز الـ «هاشتاغ» في «تويتر»، «تغيير واضح حتى 2021» و «روحاني لست وحدك» و «شكراً روحاني»، فيما استخدم مؤيّدو خصمه المرشح الأصولي إبراهيم رئيسي «سلام على إبراهيم» و «وداعاً روحاني» و «روحاني إرحل».
واقترب يوم الاقتراع، لكن أنصار رئيسي والمرشحَين الأصوليَين الآخرَين لم ينشطوا بعد على مواقع التواصل الاجتماعي، عكس مؤيّدي روحاني، علماً أن ذلك قد يعود إلى عدم تحديد الأصوليين بوصلتهم، وهل هي في اتجاه رئيسي أو رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف.
أما أنصار روحاني فحسموا أمرهم، إذ بدت رغبتهم واضحة في استخدام «تويتر» و«فايسبوك»، فيما يتّجه مؤيّدو رئيسي وقاليباف إلى استخدام «إنستاغرام» وتطبيق «تلغرام». ويعتبر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن رئيسي وقاليباف لا يحظيان بأجواء مشجعة على «تويتر» و«فايسبوك»، لأن الموقعين «ممالئان» لروحاني، فيما تبدو أجواء «تلغرام» مريحة لرئيسي إلى حد ما لكنها، وإن لم تكن مشجعة.
إلى ذلك، حضّ مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي المرشحين لانتخابات الرئاسة على «التعهد للشعب ألا يعوّلوا على الخارج من اجل تقدّم البلاد وتنميتها الاقتصادية، ولتفكيك العقد ومعالجة الأمور، بل أن تنصبّ نظرتهم على الطاقات الداخلية في إيران، من أجل تطويرها وتنميتها».

 

 

محمد صالح صدقيان