تعيين مناسب لطبيعة المرحلة وما تتميز به من تصاعد الصراع على النفوذ في العراق.
 

حلّ إيراج مسجدي، بالعاصمة العراقية بغداد ليتسلّم مهامه كسفير لإيران في العراق، وليكون بحسب بعض العراقيين المنتقدين للسياسات الإيرانية في بلادهم، عينا للحرس الثوري الإيراني على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يبدو أنّه لم يعد موضع ثقة إيران بفعل تواصله مع الإدارة الأميركية في فترة بالغة الحساسية بدا أنّ واشنطن تتجه خلالها إلى إحياء الصراع مع طهران على النفوذ في العراق.

وتجمع بين مسجدي وقاسم سليماني قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني علاقة عمل مباشرة حيث سبق له أن شغل منصب مستشار أول له.

والحرس الثوري جهاز بالغ الأهمية في إيران، وله سلطات واسعة تتجاوز سلطة الرئيس بحدّ ذاته، ويستمدّها بشكل مباشر من المرشد الأعلى صاحب السلطات الدينية المطلقة.

كما أن دوره بالغ الخطورة في تأمين التدخلات الإيرانية في الخارج، وهي تدخلات تزايدت في سوريا كما في العراق في ظلّ الصراع الدائر هناك.

وسجّل سليماني خلال السنوات الثلاث الماضية حضوره المباشر على الساحة العراقية وظهر في ساحات القتال ضدّ تنظيم داعش بصدد تنسيق عمل الميليشيات الشيعية الموالية لبلاده في مواجهتها للتنظيم المتشدّد.

واعتُبر اختيار مسجدي ليخلف حسن دانائي في منصب سفير إيران في العراق، مؤشّرا على تزايد النفوذ الإقليمي للحرس الثوري.

وقال مسجدي عقب تقديم أوراق اعتماده لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إن “إيران تسعى إلى أن يكون العراق قويا وآمنا وموحدا”.

وأكد أن “الجمهورية الإسلامية وفي إطار هذه النظرة ستبقى إلى جانب العراق في كل ظرف وكما في السابق”، مضيفا أن “إيران والعراق بلدان شقيقان ويتعين العمل لترقية مستوى العلاقات بينهما في كل المستويات والمجالات”.

وينتشر المستشارون العسكريون في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ويشرفون على الآلاف من المقاتلين المتطوعين والفصائل الشيعية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية.

وولد مسجدي في محافظة خوزستان الجنوبية التي تسكنها غالبية من العرب، وانتسب إلى الحرس الثوري الإيراني قبل 35 عاما، و”هو على اطلاع عميق بالوضع السياسي والأمني والعشائري في العراق”، بحسب وكالة إسنا الطلابية الإيرانية.

لمسجدي مهمة رئيسية في تأمين دور لميليشيات الحشد الشعبي في مرحلة ما بعد داعش
وسيضطلع مسجدي بمهمات كبرى في العراق خلال هذه الفترة التي يبدو البلد متجها خلالها إلى مرحلة جديدة بعد كسب الحرب ضدّ تنظيم داعش، ويتوّقّع أن تكون مرحلة لإعادة ترتيب الأوضاع الأمنية والسياسية بالبلد، وأيضا مرحلة إعادة توزيع النفوذ الإقليمي والدولي داخله.

ومن أوضح المهمّات التي سيتولاها مسجدي تأمين دور أمني وأيضا سياسي لميليشيات الحشد الشعبي في عراق ما بعد داعش، حيث ستستخدم تلك الميليشيات التي تضمّ عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة ويقودها رجال نافذون ويعتبرون من صقور حراسة المصالح الإيرانية في العراق، ورقة ضغط على سياسات بغداد وتوجيهها بعيدا عن دائرة التأثير الأميركي.

ومع اقتراب حرب داعش من نهايتها تعالت الأصوات في العراق منادية بإسناد دور سياسي للحشد الشعبي، وظهرت في المقابل أصوات مضادّة مطالبة بتحجيم دور الميليشيات وإبعادها عن المجال السياسي.

وبوجود الجنرال مسجدي أحد الصقور القدامى للحرس الثوري الإيراني على رأس السفارة الإيرانية في بغداد سيكون من الصعوبة بمكان المساس بالحشد الشعبي.

ويشهد العراق السنة القادمة انتخابات تشريعية ستكون مهمّة في تحديد الشخصية التي سترأس الوزراء. ولإيران دور قارّ في تحديد تلك الشخصية حيث لم يحدث بعد سنة 2003 أن تمّ تعيين رئيس للحكومة العراقية دون توافق معها. وهي الآن حريصة أكثر من أي وقت مضى على الاحتفاظ بذلك الدور.

وستشهد الفترة المقبلة اشتداد السباق بين كبار رموز وقادة الأحزاب الشيعية العراقية على التقرّب من السفير مسجدي الذي سيعني كسب ثقته لكلّ من هؤلاء الفوز بدور في قيادة البلد.

ويبدو أن وجود هذا السفير في بغداد سيصعّب من مهمّة عودة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي إلى ذات المنصب مرّة ثانية، إذ توجد بجانبه شخصيات محلّ ثقة أكبر لدى إيران.