تحت عنوان "الحريري أقرب الى الثنائي الشيعي "نسبيا".. وباسيل يقود حرب إلغاء" كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": يبدو أن حظوظ التمديد الثالث لمجلس النواب في جلسة 15 أيار المقبل بدأت ترتفع، ومن دون التوافق على قانون إنتخابي جديد، بعدما بات واضحا أن الهوّة تتسع بين التيارات السياسية التي ينشد كل منها قانونا مفصلا على قياسه السياسي بشكل يضمن له عددا وازنا من النواب حتى قبل فتح صناديق الاقتراع، من دون النظر الى عدالة التمثيل التي أصبحت شعارا ممجوجا، فارغا من مضمونه وغير قابلا للترجمة العملية.

كل التيارات السياسية ترفض التمديد ظاهرا، بهدف ذر الرماد في عيون اللبنانيين وتبرئة نفسها أمام شارعها وتسجيل النقاط على بعضها البعض، أما في الباطن، فان هذا التمديد يكون خشبة خلاص أمام أي قانون لا يعيد لكل من هذه التيارات نوابها الى البرلمان، ما يعني أن الأمل يتضاءل في أن يتوافق من بيدهم مقاليد السلطة على قانون إنتخابي يُضعف تمثيلهم ويؤدي الى تراجع نفوذهم.

إذا صح ما يتم تداوله في الأوساط السياسية، بأن تمديد ولاية مجلس النواب لمرة ثالثة، ولمدة سنة كاملة، أمر متفق عليه، وأنه أحد بنود الصفقة الرئاسية التي قادها الرئيس سعد الحريري وأفضت الى إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، فان كل ما يحصل اليوم لا يعود مستغربا، خصوصا أن كل اللبنانيين يعلمون أن الرئيس الحريري غير مهيأ في الوقت الحاضر لخوض إنتخابات نيابية في ظل أزمته المالية المستفحلة، وتراجع شعبية تياره الى أدنى مستوياتها.

تشير المعطيات الى أن بقاء الحريري في رئاسة حكومات العهد يحتم عليه العودة الى مجلس النواب بكتلة نيابية وازنة، وهذا أمر غير متوفر في الوقت الراهن، لذلك وبحسب ما يتم تداوله، فان الحريري إشترط في الصفقة الرئاسية تأجيل الانتخابات النيابية لسنة كاملة، يكون خلالها قد وجد حلولا لأزماته المتعددة.

علما أن الحريري الذي لطالما رفض مع كتلته النيابية القانون النسبي في ظل وجود سلاح حزب الله، بات اليوم من أشد المتحمسين له كونه بات على قناعه بأنه يحدّ من الخسائر التي يمكن أن يتعرض لها في بعض المناطق التي تراجع فيها نفوذ تياره.

وبات سعد الحريري في تحمسه لـ"النسبية"، أقرب من أي وقت مضى الى الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، الذي نادى منذ البداية بالنسبية على أساس الدوائر الكبرى، أو على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة، وفي هذا الاطار ينقل زوار عن قيادات حزب الله، "أننا إنتظرنا سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، حتى جئنا بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، ولا بأس إن إنتظرنا سنة أو أكثر لكي تقتنع الأطراف اللبنانية بقانون النسبية الذي نراه أكثر عدالة والأفضل على صعيد صحة التمثيل".

واللافت، أن الثنائي الماروني (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) كانت قياداته تعطي دروسا في قانون النسبية الكاملة وأهميته في تمثيل كل شرائح المجتمع، وذلك عندما كانا على طرفيّ نقيض وصراع، لكن بعد تحالفهما، والرغبة الجامحة لوزير الخارجية جبران باسيل في إلغاء "الفراطة المسيحية" لم يعد قانون النسبية يناسبهما كونه بات يسمح لتلك "الفراطة" بأن تتمثل في مجلس النواب، لذلك بدأت تتفتق "العبقريات" في إجتراح قوانين مختلفة لاستخدامها في "حرب الالغاء" وآخرها القانون التأهيلي الذي أطلق عليه الوزير باسيل إسم "قانون الحرية"، في حين يرى فيه البعض أنه يؤدي الى فيدرالية مقنعة، ويصب زيت الطائفية على نار الصراعات، ويستهدف الدولة في وحدتها وفي صيغة العيش المشترك الذي يضمن إستقرارها وسلمها الأهلي، كما أنه يُسقط حق أكثر من 500 ألف لبناني في ممارسة حقهم في الانتخاب في مرحلته الأولى، ما يعني أن باسيل بطرحه هذا القانون يصنف اللبنانيين بين ناخبين درجة أولى وناخبين درجة ثانية، ويعمل على تصفية كل الأحزاب التي تتطلع الى عمل سياسي خارج القيد الطائفي، إضافة الى المجتمع المدني.

يشير مطلعون الى أن أكثرية التيارات السياسية باتت ترى في التمديد أهون الشرّين، أمام ما يُطرح من قوانين إنتخابية، وفي مقدمتها النائب وليد جنبلاط الذي يهدد ويتوعد كل من يحاول أن يحاصره ببعض الطروحات.

في حين يرى هؤلاء أن جبران باسيل هو أكثر المتحمسين لاجراء الانتخابات النيابية اليوم قبل الغد ووفق القانون الذي يطرحه، وذلك إنطلاقا من مصلحة شخصية، تمكنه من الوصول لأول مرة الى الندوة البرلمانية على رأس كتلة نيابية وازنة يؤمنها تحالفه مع القوات اللبنانية، وتعبّد له الطريق أمام طموحات أوسع وأكبر.

 

 

(سفير الشمال)