شكلت الضربة الأميركية الصاروخية منعطفاً جديداً في الساحة السورية والدولية، والتي جاءت على إثر الضربة الكيماوية في سوريا على خان شيخون في الرابع من الشهر الجاري.
 

فالضربة الكيماوية جاءت بعدما أطلق أركان إدارة الرئيس الأميركي سلسلة تصريحات على لسان وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، وسفيرته لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، والناطق باسمه شون سبايسر، ليؤكدوا أن مصير الرئيس بشار الأسد "سيحدده السوريون وحدهم، وأن خيار إسقاطه لم يعد أولوية لدى الولايات المتحدة".

لكن ترامب وعقب المجزرة ظهر في مؤتمر صحفي الأربعاء 6 نيسان 2017، بشكل مغاير للرسائل التي خرجت عنه؛ إذ كان غاضباً مشمئزاً لرؤية 26 طفلاً قتلوا بغاز السارين في خان شيخون من أصل 100 قتيل، وأطلق وعداً بالرد على ما وصفها بـ"البشاعة والبربرية"، قائلاً: "سترون رد أميركا"، وما هي إلا ساعات حتى كان 59 صاروخ "توماهوك" تدك قاعدة الشعيرات العسكرية التي انطلقت منها الغارة الكيماوية، ونتج عنها تدمير 20% من قوة الأسد الجوية.

فخ محكم

وما إن خرج ترامب بهذا الموقف الجديد، حتى تعالت أصوات نواب الكونغرس الأميركي، للتحرك ومواجهة النظام السوري، وأشادت بموقف ترامب الجديد، لكن في المقابل خرجت تصريحات وجهت أصابع الاتهام له ولإدارته بالمسؤولية عن المجزرة؛ بسبب التصريحات التي سبقتها بأيام سبعة.

السيناتور الجمهوري البارز، ماركو روبيو، حمّل وبشدة تصريحات وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، التي تحدث فيها عن أن إزاحة الأسد من السلطة لم تعد أولوية، مسؤولية مجزرة خان شيخون قائلاً: "لو كنت مكان الأسد وقرأت هذا التصريح بأنني لم أعُد أولوية بالنسبة لأمريكا؛ فسيكون لدي حافز للتحرك وأنا أشعر بالحصانة".

وأضاف في مؤتمر صحفي بواشنطن، عقب خطاب ترامب: "لا أعتقد أنها صدفة؛ أن يحصل هجوم خان شيخون بعد أيام قليلة من كلام تيلرسون".

وأوضح روبيو أن "الأسد يعتقد، وللأسف قد يكون صائباً، أنه قادر على أن يخنق شعبه بغاز السارين، ويقتل أطفالاً ومدنيين أبرياء، وأن الناس سيشتكون وسيُعقد اجتماع لمجلس الأمن ثم تستمر الحياة ويبقى في السلطة".

لكن هناك من ذهب إلى أن تصريحات ترامب وأركان إدارته السابقة كانت "فخاً" للأسد، بناءً على الانعطاف الشديد والسريع الذي قامت به الإدارة الأميركية، وهو الأمر الذي أيده عبد الرحمن الحاج، الكاتب والمحلل السياسي، الذي أوضح أن "هناك رغبة أمريكية بإخراج إيران، وهذا الأمر يتم عن طريق الأسد".

وأضاف قائلاً: "من دون إسقاط الأسد لن يمكن الفصل في هذه القضية؛ لأن بقاء الأسد مرتبط بدعم إيران وروسيا، ما يجعله عقدة أمام هذا الأمر".

وأشار إلى أن "الأوروبيين لديهم حساسية تجاه دور روسيا في المنطقة ويريدون إضعافها، وحتى يستطيع ترامب حشد جميع الأطراف ضد إيران وروسيا، يجب إزاحة الأسد".

لحظة تحول

وقال مسؤولون أميركيون إن روسيا التي تدعم الأسد تتحمل جزءاً من مسؤولية الهجوم الكيماوي الذي وقع الثلاثاء الماضي 4 نيسان على بلدة "خان شيخون" في محافظة إدلب.

وقال وزير الخارجية الأميركي، في مقابلة مع قناة "إي بي سي"، إنه يأمل أن تعيد روسيا حساباتها، وتفكر في جدوى تحالفها مع الأسد؛ لأن كل هجمة من هذه الهجمات المروعة التي وقعت تتحمل روسيا جزءاً منها.

كما طالب عدد من مسؤولي إدارة البيت الأبيض موسكو بوقف دعمها لرئيس النظام في سوريا بشار الأسد، أو مواجهة مزيد من تدهور العلاقات مع واشنطن، بحسب ما نقلته صحيفة الواشنطن بوست.

الدكتور باسل الحاج جاسم، الخبير في الشؤون الدولية، علق على توجه السياسة الخارجية لواشنطن في هذه المرحلة، بالإشارة إلى أنها ستكشف "إن كانت سياسات أوباما مثلت لحظة تحول في نهج الولايات المتحدة تجاه قضايا الشرق الأوسط، أم أنها كانت مجرد انحراف وقتي".

وأضاف: "سوريا ليست إلا واحدة بين كثير من الملفات التي ينتظر العالم الموقف الذي سيتخذه ترامب حيالها، ابتداءً من أوكرانيا مروراً بروسياً وإيران وتركيا".

 

 

(الخليج اونلاين)