لا يزال مزارعو التفاح ينتظرون التعويضات التي أقرّتها الدولة في الخريف الماضي بعد كساد الموسم، في وقت تستمرّ اللقاءات من أجل حصول المزارع على حقوقه.تُعتبر أزمةُ التفاح غير منفصلة عن مشكلات القطاع الزراعي بشكل عام، في ظل غياب الرؤية النهضوية للوزارات المعنية، والإستخفاف بهذا القطاع الذي يعتاش منه معظم سكّان الجبال.
 

يعيش مزارعو التفاح وضعاً مذرياً للغاية، فهم كانوا في إنتظار دفع خمسة آلاف ليرة على الصندوق أقرتها الدولة ليتمكّنوا من دفع مصاريف الموسم الماضي.

لكنّ الدولة تأخّرت، في وقتٍ تُسجَّل مشكلة إضافية، وهي في التفاح الذي ما زال مكدَّساً في البرادات، إذ لم يلقَ سوقاً للتصريف، فأُجبر المزارع على بيعه بأسعار لا تتجاوز الخمسة آلاف ليرة للصندوق، فيما كلفة التبريد تزيد عن هذا الرقم.

يسأل كل مزارع عن سبب تأخير الدفع، في حين أنهى الجيش المسح. وفي هذا السياق تبرز نقاطٌ عدّة تؤخّر العملية، فالمناطق التي لم تُمسح بعد هي بعض المناطق البقاعية حيث الوضع الأمني لا يسمح بذلك. ومن جهة ثانية، فإنّ الدولة صرفت مبلغاً على أساس أنّ لبنان ينتج نحو 8 ملايين صندوق تفّاح، فيما المسح وصل الى أكثر من 10 ملايين صندوقة، ما خلق مشكلة في توزيع المبلغ المصروف على عدد الصناديق.

أما الأمر الجديد الذي أظهره مسح الجيش فهو حجم إنتاج مزارعي التفاح، حيث كشف أنّ 90 في المئة من المزارعين ينتجون أقلّ من 1000 صندوق، فيما هناك نحو 6 في المئة ينتجون أقلّ من 2000 صندوقة، في حين يتمركز المزارعون الكبار الذين يتخطون الـ2000 صندوق ناحية العاقورة والمناطق المجاورة.

في مواجهة هذا الواقع، إجتمع، وبتوجيهات من رئيس الحكومة سعد الحريري، كل من الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء الركن محمد خير ورئيس لجان المسح وتخمين الاضرار العقيد الركن حسان عودة مع رؤساء ومسؤولو البلدات التي تنتج التفاح وأبرزها تنورين، بشري، العاقورة، الورهانية، فنيدق، معاصر الشوف، شاتين، الباروك، كفرفاقود، عيناتا الارز، كفردبيان، وقرطبا، في مقر الهيئة في ستاركو، وتمّ عرضٌ للمشكلات التي تواجه دفع المستحقات، فحاول البعض طرح أفكار جدّية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ «أولى الطروحات كانت محاولة إيجاد حلّ لمشكلة التفاوت بين عدد الصناديق الممسوح والمبلغ المرصود، فاقتُرح أن تُدفع خمسة آلاف ليرة لكل مزارع يقل إنتاجه عن 1000 صندوق، فيما ينخفض هذا المبلغ كلما زاد الإنتاج. ولقي هذا الطرح معارضة شرسة من البلدات التي يوجد فيها مزارعون كبار وخصوصاً من العاقورة.

أما الطرح الثاني الذي لقي قبولاً فيقضي بدفع مبلغ خمسة آلاف ليرة للمزارع بعد حسم 25 في المئة من عدد الصناديق التي سجّلها، فمثلاً مَن سجّل 1000 صندوق يقبض تعويضاً على 750 صندوقة، فكان اتفاق على هذا الأمر، نظراً لأنّ الجميع تساوى في المعاملة.

أمّا عن موعد دفع المستحقات بعد الإتفاق على الآلية، فتشير المعلومات التي حصلت عليها «الجمهورية» الى أنّه من المتوقّع أن يبدأ التسديد بعد عطلة عيد الفصح، فالجميع ينتظر عودة الحريري من مؤتمر بروكسل، وإنتهاء عطلة الأعياد لكي يطلق صفارة الانطلاق، علماً أن الملف سيمرّ على مجلس الوزراء في الأيام المقبلة، لكنّ هذه الوعود تبقى حبراً على ورق في حال لم تباشر الدولة بتنفيذ ما تمّ الإتفاق عليه.

قد يكون شهر نيسان موعداً لبداية الفرج بالنسبة الى مزارعي التفاح، لكنّ الخيبات التي تعرّضوا لها تبقى ماثلة في الأذهان، خصوصاً أنّ الهريان ضرب التعويضات فتآكلت وتقلّصت وطال إنتظارها. لذلك فإنّ خيار الشارع يبقى قائماً على رغم إعلان تعليق الإضراب، لأنه ربما يكون الحلّ الأفضل للضغط، وإلّا فالإنفجار الإجتماعي واقع بعدما التهمت الديون المزارعين.