في منطقة برج حمود الشعبية، حي اسمه النبعة، يتميز بتغيّر سكانه جذرياً تأثراً بظروف أمنية وسياسية. وهذه حاله منذ الأربعينات، في نهاية فترة الانتداب، حتى الأزمة السورية. اختير هذا الحي المكتظ بالسكان في الضاحية الشمالية الشرقية لبيروت نموذجاً لما تتحمله المجتمعات المضيفة من تداعيات النزوح السوري إذ يشكل النازحون ضعفي سكان الحي الأصليين. وتبيّن دراسة ميدانية أجراها "برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" لفترة أسبوعين في تشرين الثاني الماضي أن "63 في المئة من سكان 765 مبنى شملها البحث الميداني هم من النازحين السوريين، فيما 33 من سكان الأبنية لبنانيون و3.8 في المئة من جنسيات أخرى. ويبلغ مجموع سكان الحي 14.760 ألفاً. وقد يعود سبب ذلك إلى تفضيل مالكي البيوت تأجير بيوتهم للنازحين القادرين، خصوصاً أنه في كثير من الحالات تتشارك أكثر من عائلة سورية في استئجار البيت الواحد، يقول، منسق التخطيط الحضري في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية داني حركة لـ "الحياة".

ويلاحظ تقرير "البحث الميداني وإستراتيجية التدخل لحي النبعة" الذي أطلق أمس، من قبل UN-Habitat وبلدية برج حمود بتمويل من الحكومة الإيطالية، بعد مقابلات مع مجموعات بؤرية من مختلف الفئات العمرية، شعوراً بانعدام الأمن وعدم الانتماء داخل المجتمع المضيف الأصلي بسبب التغير الديموغرافي الدراماتيكي الأخير الذي شهد أعداداً كبيرة من النازحين السوريين والعمال الأجانب من خلفيات دينية وطائفية متنوعة.

ويشكو لبنانيون من تعرض الحي للتوترات التي تتصاعد أحياناً وتتحول إلى تقاتل.

ومن نتائج المقابلات تم الإبلاغ عن حالات متكررة من التحرش اللفظي والجنسي ضد النساء، وغياب الموظفين المكلفين إنفاذ القانون، وهنا يعتمد السكان على الأحزاب السياسية المحلية لتستجيب مخاوفهم الأمنية. ويعزو التقرير تصاعد التوترات إلى كثرة التقاليد الاجتماعية والثقافية التي تخلق فجوات بين السكان وارتفاع في نسبة الإدمان على الكحول والمخدرات. ويعتبر أن التوتر الاجتماعي ينشأ من التنافس بين المقيمين في السكن والخدمات، في ظل نقص في خدمات البنية التحتية.

(الحياة)