ثلاثة ملفات رئيسية ستتصدر المشهد المحلي في الايام المقبلة، قانون الانتخابات سيكون محل متابعة حثيثة لايجاد مخارج للعقد «المستعصية» على الحل، بانتظار الكلمة الفصل لرئيس الجمهورية ميشال عون، الملف الثاني يتعلق باستشراف نتائج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى السعودية، والمستجد الثالث ملف امني يحتاج الى متابعة دقيقة لارتباطه بعودة «السخونة» الى الجرود على الحدود الشرقية...

في الملف الانتخابي برز «الالتباس» في الموقف بين التيار الوطني الحر وحزب الله، اثر اعلان الوزير جبران باسيل ان الحزب وافق على قانونه مع بعض الملاحظات، موحيا ان الامور «سالكة» وما بقي مجرد تفاصيل صغيرة... فيما تؤكد تصريحات المسؤولين في حزب الله، عكس ذلك، وآخرها ما صدر بالامس عن كتلة الوفاء للمقاومة التي دعت للتوافق على الصيغة النهائية لقانون انتخاب يؤمن «العيش المشترك» والنسبية الكاملة باعتبارها الصيغة الانسب..

اوساط مقربة من التيار الوطني الحر، تقول انها لم تعد تفهم حقيقة ما يريده الحزب، خصوصا ان «جلسة» الملاحظات التي ابلغ فيها نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الوزير باسيل كانت واضحة لجهة موافقة الحزب على المبدأ مع ابداء ملاحظتين «ومسار» يعترض عليهم حزب الله، وهذا يعني ان القانون مقبول، ولكنه بحاجة الى تعديلات ما يجعل الامور قابلة للنقاش، بعكس ما توحي تصريحات مسؤولي الحزب التي تتمسك بالنسبية على دائرة وطنية، او تقسيمات موسعة اخرى... 

في المقابل، ترى اوساط مطلعة على موقف حزب الله، ان الوزير باسيل «اساء التقدير» او فهم على نحو «خاطىء» «رسالة» حزب الله من وارء الملاحظات على قانونه، فالملاحظة الاولى المتعلقة «بمراعاة» الوزير سليمان فرنجية في التقسيمات الانتخابية، وعدم الحكم عليه «بالاعدام» السياسي، لا تمس بجوهر القانون، لكن الملاحظة الثانية المتعلقة بالصوت التفضيلي وربط موافقة الحزب على تحريره من القيود،اضافة الى الاعتراض على «مسار» الشق النسبي واشتراط الحزب بان تكون النسبية كاملة على ان تجري الانتخابات ضمن الدائرة الوطنية، يعني ذلك رفض صريح، ولكن «ناعم» للقانون، خصوصا ان الوزير ابلغ الحزب ان تيار المستقبل لا يقبل بهذا التعديل، كما ترفضه القوات اللبنانية، واوحى ضمنا ان التيار الوطني الحر ليس في هذا الوارد...وجل ما طرحه من تعديلات تتعلق بنقل المقعد الشيعي في جبيل الى النظام الاكثري... وكذلك المقعد الارثوذكسي في مرجعيون -حاصبيا..فهل يمكن الاستنتاج من هذا النقاش ان الحزب وافق على القانون؟

وتلفت تلك الاوساط، الى ان الاولوية لدى حزب الله هي تثبيت مبدأ النسبية دون افراغها من مضمونها عبر التلاعب بالصوت التفضيلي، اما «تطعيمها» بالنظام الاكثري فمفتوح على النقاش «الايجابي»، لكن الاعتراضات تبدو كبيرة في ظل رفض الرئيس نبيه بري اي قانون انتخابات يحمل اقتراحات للتصويت الطائفي والمذهبي، فيما لم يبد تيار «المستقبل» حماسا كبيرا للموضوع... وفي الخلاصة وضع حزب الله شروطا للموافقة المبدئية على القانون، فهل يستطيع الوزير باسيل تأمين الاجماع على التعديلات المقترحة؟... حتى الان لا ترى اوساط نيابية «اشتراكية» اي جديد، تبدو الخيارات صعبة، اما الحديث عن اخضاع القانون «للتصويت» في مجلس الوزراء فلا يبدو خيارا متاحا ولا يمكن ان يمر... والبحث يجري عن صيغ مقبولة «لهضم» التمديد التقني..

وفي سياق متصل، لفت تلك الاوساط الى ان الوقع الجيد لكلمة الرئيس ميشال عون في القمة، لم يتجاوز كلمات الثناء من بعض الزعماء العرب، وادرك الرئيس من الاجواء العامة في القمة ان مبادرته «للوساطة» «ولدت ميتة» لان المناخات غير جاهزة بعد لعقد تسويات في الازمة السورية او في العلاقة مع ايران، وكان واضحا في «كواليس» القمة ان السعودية كانت معنية في «اجهاض» اي محاولة لخفض مستوى التوتر مع طهران، واقفلت الابواب امام كل المحاولات الاردنية - المصرية لتليين الموقف تجاه دمشق، وهي قبلت على مضض ان يبقى العلم السوري فوق منصة مقعد سوريا الفارغ او على المنصات خارج القاعة، وذلك نزولا عند رغبات الدولة المضيفة التي تواصل عملية مد «الجسور» مع النظام السوري...
ابراهيم ناصرالدين