استدعاء الرئيس التركي للحروب الصليبية قد يخرج بالخلاف مع أوروبا من المجال السياسي إلى التحريض على أمنها.
 

 لا يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيجعل سقفا لخطابه الشعبوي الذي وضعه في مواجهة مفتوحة مع الداخل التركي ومع دول عربية وغربية.

وبعد اتهامات وجهها إلى أوروبا بوصف بعض دولها بالنازية والفاشية، مر الرئيس التركي إلى استدعاء الخطاب الديني القديم، بالتلويح بالحروب الصليبية موظفا في ذلك قرار المحكمة الأوروبية بمنع الحجاب في مواقع العمل.

وقال أردوغان خلال تجمع لأنصاره في شمال غرب تركيا الخميس “عار على ديمقراطيتكم”، مجددا اتهام هولندا التي شاركت في قوات حفظ السلام، بقتل المسلمين في مذبحة سربرنيتسا.

وأضاف “إخواني الأعزاء، لقد بدأوا معركة بين الصليب والهلال. لا يوجد تفسير آخر”، في إشارة إلى قرار المحكمة الأوروبية السماح لأصحاب العمل بحظر الحجاب.

واتهم أردوغان أوروبا بالعودة “إلى الأيام التي سبقت الحرب العالمية الثانية”.

وحذر مراقبون من أن استدعاء أردوغان للحروب الصليبية قد يخرج بالخلاف مع أوروبا من المجال السياسي إلى التحريض على أمنها، وإعطاء مسوغ ديني لهجمات جديدة عليها سواء من قبل الموالين لداعش والقاعدة، أو لمن قد يستجيبون إلى دعوته من مواطنين أتراك أو من أصول تركية مقيمين في الغرب.

واعتبر باحث في تاريخ الديانات أن عبارة أردوغان بشأن المعركة بين الصليب والهلال لا تنفصل عن ميوله الإخوانية، فالإخوان كلما ضاق بهم الحال عبروا عن نوازعهم الفكرية بالمواجهة بين المسيحية والإسلام، مع أن القرار الأوروبي منع الرموز الدينية كافة وليست الإسلامية فقط.

وقال الباحث في تصريح لـ”العرب”، “اتخذ القرار الأوروبي بعد أن أصبحت الرموز الدينية حافزا للكراهية في مجتمعات كثيفة الاختلاط والتجاور بين الديانات، والخطر الأكبر يقع على المسلمين، فما تفعله الجماعات الإسلامية، وأردوغان ليس بريئا من وجودها أو دعمها، ينعكس في ذهن الأوروبي على المسلم، مثلما تنعكس أفعال جماعات دينية أخرى على أتباع الديانة ككل”.

وخرج خطاب أردوغان تجاه أوروبا من بعده السياسي الناجم عن رفض دول مثل ألمانيا وهولندا والنمسا فتح أراضيها أمام حملات انتخابية لأنصاره وما تبعها من خطاب استعلائي تركي، إلى خطاب عدائي متماه مع خطاب اليمين المتطرف في الغرب، وأكثر من ذلك فهو يقويه ويعطيه مبررا لتنفيذ هجمات على الجالية، ويغذي دعوات التضييق عليها بالقوانين والإجراءات.