بين مأساة الطفل السوري ايلان كردي الذي عثر على جثته على الشاطئ التركي والطفل السوري رسول شحادة ابن الأربعة أعوام الذي عثر على جثته صباح اليوم على شاطئ العبدة قرب مخيم اللجوء في نهر البارد مسيرة قهر ومعاناة وعذابات لشعب دخلت جلجلته عامها السابع، مبعثرة معها براءة احلام الطفولة على صخور الغربة ورمال الهجرة القسرية، من الشمال السوري الى جنوبه، جرحا عميقا في ضمير العالم الساكت عن مآسي الضعفاء الذين هربوا من جحيم النار الى ملاذات حلموا بأن تكون آمنة لهم ولاطفالهم من جور الدهر عليهم.

 

لم تكن احلام رسول تختلف بالتأكيد عن احلام ايلان، ولا عن أحلام ملايين الاطفال السوريين والعراقيين والليبيبن واليمنيين والفلسطينيين والعرب، ولا في كل أوطان لجأوا اليها، حتى وإن كانت صحارى وبحار، بحثا عن لحظة امان تائهة.

عائلة رسول هي نفسها عائلة ايلان، هي نفسها عائلات ملايين المهاجرين التي تاهت في حمأة الحروب والدمار والقتل، وضاعت في متاهات البحار والمحيطات بحثا عن لقمة عيش، وبعض استقرار وسلام في انتظار أعجوبة لا تبدو ملامحها قريبة .

 

فكم طفل بجب ان يموت، كم عائلة يجب ان تقتل وتهجر، وكم منزل وحي ومدينة يجب ان تدمر، وكم من الاوطان يجب ان تنتهي لكي يرتاح غول البشاعة والجريمة والظلم والظلام، وكم محيط وبحر ونهر تحتاج حيتان الموت الى أن ترتوي... واي ضمير عالمي يحكى عنه؟

والد الضحية ممدوح شحادة (41 عاماً) يبكي فراق ابنه مع العائلة المفجوعة: "انه القدر، لقد رحل رسول بشكل مفاجيء، وهو الذي كان على رغم صغر سنه يملأ المنزل فرحا. فأخوته الخمسة (4 صبيان وبنت) بكوه وأفجعهم فراقه غرقا حيث لم يكن لا احد الى جانبه ".

 

ويشير الى ان طفله "غالبا ما يقوم بإطعام الدجاج في الخم المجاور للخيمة التي تسكنها العائلة، على ضفة نهر البارد في خراج بلدة المحمرة.. ولم نتنبه الى غيابه الا بعد حين، فعملنا على ابلاغ فصيلة درك العبدة، وباشرنا البحث عند ضفتي النهر وقرب الخيمة والجوار حتى ساعات متقدمة من ليل امس، الى حين ابلغنا صباح اليوم بنبأ العثور على جثته عند شاطئء البحر في العبدة، على بعد اكثر من كيلومتر عن منزلنا .انها ارادة الله ولا حول ولا قوة الا بالله".
وحضرت الى المكان عناصر من الجيش وقوى الامن الداخلي والادلة الجنائية، ونقلت الجثة الى مستشفى عبدالله الراسي الحكومي، حيث كشف عليها الطبيبان الشرعيان موسى حداد وحسين عدوية اللذين اكدا أن الوفاة ناتجة من الغرق. وشيع رسول عقب صلاة الظهر، الى مثواه الأخير في مدافن المحمرة.
يذكر أن عائلة الطفل الغريق، قدمت الى لبنان من حي الخالدية في حمص قبل أربعة أعوام، وهي تعتاش من عمل الوالد ممدوح في الزراعة...