كثيرة هي القصص التي تروي مآسي جرائم الشرف، والتي غالباً ما تكون ضحاياها من النساء، إنما في القضية التي شهدتها المحكمة العسكرية الدائمة، فإن الضحية عريف في الجيش أقدم شقيقه على قتله بواسطة سلاح صيد.

هذه القضية التي تعود الى العام 2011 وكان مسرحها إحدى القرى الشوفية، أُحيلت أمام المحكمة العسكرية بعد اتهام الموقوف بجريمة قتل شقيقه عمداً سنداً الى المادة 549 من قانون العقوبات، ولم يشر الادعاء آنذاك الى المادة 562 من القانون نفسه التي تنص على "العذر المخفف" في "جريمة الشرف". غير أن وقائع القضية دلّت على أن المتهم ارتكب جريمته بعد أن علم بوجود علاقة بين المغدور وإحدى شقيقاته، حتى أنه كان "شاهداً" على هذه "العلاقة" إنما لمرة واحدة.

وما لم يذكره المتهم صراحة أثناء استجوابه أمام المحكمة العسكرية، أعلنه وكيله في معرض الدفاع عن موكله، ليكشف عن أن الأخير ارتكب جريمته لـ"غسل العار وشرفه" عندما وصلته صورة فوتوغرافية و"أخبار" أثناء وجوده في دولة الإمارات العربية المتحدة عن علاقة بين المغدور وإحدى شقيقاته.

وقبل أن ترفع المحكمة الجلسة لعقدها سرية والاستماع الى "معنيين" فيها كشهود، كان المتهم قد أفاد أثناء استجوابه بأنه كان يحتسي الخمر (أربعة أكواب من العرق) عندما شاهد المغدور يصعد الى منزله في الطابق الأول من المبنى نفسه الذي يقطن فيه. وقال: "شاهدته عائداً فلحقت به وأطلقت عليه النار من سلاح صيد وكانت الساعة قرابة الثانية والربع من بعد الظهر".

وهل كنت تحت تأثير الكحول، سئل المتهم فأجاب: "ما حدا بيشرب وبيعدّ قداح". ولماذا قتلته، قال: "هناك أسباب أوردتها في التحقيق الأولي".

وسأله رئيس المحكمة: مهما كانت الأسباب فإن نيّة القتل موجودة، فأجاب: "مظبوط، إنما لم أكن بكامل وعيي". وأضاف: "الزمن لا يعود الى الوراء هناك نوع من الندم، انا نادم أكيد".

وبسؤاله، قال المتهم، بعدما أكد بأنه لا يعاني من أي اضطرابات عصبية: "أنا طلبت منه مغادرة البلدة وتدخّل أخوالي إنما لم يصدقني أحد، وبعد رفضه المغادرة حصل ما حصل ولا أذكر كم من الوقت مرّ بين واقعة رفضه المغادرة وبين يوم الحادثة".

وبعد إدخال شاهدة قرر رئيس المحكمة رفع الجلسة وعقدها سرّية في غرفة المذاكرة.

وفي مرافعته، أكد وكيل المتهم أن "تقارير وردته الى دبي حيث كان مسافراً عن وجود علاقة بين شقيقه واخته، وقد أفاد في التحقيق الأولي معه أن أسباب قتله شقيقه هي عائلية ولا يريد الإفصاح عنها، وبالتالي كشف الحقيقة لأن الأمر يتعلق بالشرف والعار". وأضاف المحامي في مرافعته أن صورةً وصلت الى موكله وفيها شاهد المغدور وشقيقته في وضع غير صحيح فطلب منه عدم تكرار هذا الفعل.

ورأى وكيل الدفاع أن المادة 549 من قانون العقوبات المُحال بموجبها موكله أمام المحكمة لا تنطبق والقضية الحاضرة التي تتعلق بجريمة شرف التي تنص على حلّ المتهم من العقاب بعد منحه أسباباً تخفيفية وفقاً للمواد 251 و252 و253 من قانون العقوبات، وانتهى الى طلب منح موكله العذر المحلّ والاكتفاء بمدة توقيفه، فضلاً عن كون موكله عديم الأهلية والإدراك لأن عوامل نفسية قد أثّرت على إدراكه.

وبسؤال المتهم عن كلامه الأخير طلب الشفقة والرحمة.

وأصدرت المحكمة حكماً بحقه قضى بسجنه مدة 17 عاماً أشغالاً شاقة.