اعتبر الكاتب ومحلل الشؤون العسكرية في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، باتريك كوبرين، أن الحديث عن انتصارات الجيش العراقي في الموصل "حديث مخادع وكاذب"؛ لأن هذا الجيش يعتمد بالدرجة الأولى على القوات الأميركية التي تشارك في تلك المعركة، مؤكداً أنه لا ينبغي التفاؤل حيال مستقبل الموصل بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة.


يقول الكاتب، إنه بعدما استولى تنظيم الدولة على مدينة الموصل عام 2014، فإن العشرات من المسؤولين العراقيين تدافعوا إلى مطار بغداد للهرب بعدما شعروا أن التنظيم يمكن أن يتقدّم جنوباً باتجاه العاصمة، وهم يعرفون جيداً أنه لا يوجد جيش عراقي قادر على أن يواجه التنظيم.

الآن وبعد عامين ونصف العام على احتلال الموصل من قبل التنظيم، فإن التنظيم يواجه هجوماً كبيراً من قبل الجيش العراقي والقوات الأميركية لطرده من آخر معاقله في العراق، وعلى الرغم من أن الكثير من الانتصارات والبطولات التي يتحدّث عنها الإعلام الرسمي مبالغ فيها، وبعضها كاذب وسابق للوقائع على الأرض، فإن مما لا شك فيه أن القوات العراقية تتقدم في الموصل.

لا يوجد هناك سقف زمني لمعركة الموصل، ومن المحتمل أن تستمر فترة طويلة، ولكن استعادة المدينة أمر لا مفر منه، وستكون هزيمة كارثية لتنظيم "داعش"، فالتنظيم يصوّر انتصاراته، منذ احتلاله الموصل عام 2014، على أنها نصر إلهي، ومن ثم فإن هزيمته ستمثّل ضربة كبيرة للتنظيم، كما يقول الكاتب.

تنظيم الدولة، توضح الصحيفة، ما زال لديه بعض نقاط القوة؛ فهو يتألف من مقاتلين من ذوي الخبرة والمهارة، يبلغ عددهم في غرب الموصل -وفقاً لبعض التقديرات- نحو 4 آلاف مقاتل، نجحوا حتى الآن في إيقاع خسائر كبيرة في صفوف القوات العراقية؛ بلغت قرابة 500 قتيل وأكثر من 3 آلاف جريح خلال عملية استعادة الجانب الأيسر من الموصل.

وتتابع الصحيفة البريطانية الحديث عن معركة الموصل: "كما أن القتال في الجانب الأيمن من المدينة سيشكّل تحدياً كبيراً أمام القوات المهاجمة؛ بسبب ضيق الأحياء وكثافة السكان، إضافة إلى أن مقاتلي التنظيم لديهم القدرة على الذوبان بين السكان دون أن يتعرّف إليهم أحد".

بالإضافة إلى ذلك، تقول الإندبندنت، هناك عوامل أخرى تصب في مصلحة التنظيم؛ منها أنه يواجه مجموعة من الأعداء المتحالفين بطريقة شبه قسرية، فهم في واقع الحال يكره بعضهم بعضاً، ويخاف بعضهم من بعض، ربما أقل بقليل من خشيتهم من تنظيم الدولة؛ كالحكومة العراقية والأكراد على سبيل المثال، فالحكومة المركزية تنظر إلى الأكراد على أنهم استغلّوا دخول التنظيم إلى الموصل واستولوا على المزيد من الأراضي التي كانت توصف بأنها متنازع عليها، وبعد طرد التنظيم فإن بغداد ستطالب أربيل بهذه الأراضي.

الحكومة في بغداد ما زالت فاسدة وطائفية بشكل كبير، بحسب الكاتب، ومن ثم فإن ما يجري في الموصل يمكن أن يكون نهاية مرحلة في الصراع، وليس نهاية فعلية للحرب الرهيبة التي تجري في العراق وسوريا.

الكاتب يعتبر أن ما يقال عن نجاحات الجيش العراقي مبالغ به، مؤكداً أن القوة الجوية الأمريكية تؤدّي دوراً كبيراً في دعم هذا الجيش، تماماً كما تؤدّي روسيا ذات الدور في دعم نظام الرئيس بشار الأسد، وإلى الآن لم يتغيّر أسلوب التعاون أو التنافس بين كل من أميركا وروسيا بعد مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

إلى الآن الحرب لم تنتهِ، وتنظيم "داعش" لديه تقليد عسكري متّبع في حال تعرّضه للهزيمة في معركة ما؛ فهو يلجأ إلى شن هجمات إرهابية في المنطقة، وأوروبا، وتركيا، أو أجزاء أخرى من العالم، حسب تقديره.

وختم الكاتب تقريره بالقول إن تنظيم الدولة يرغب في اختبار إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، ومعرفة ما إذا كان يمكن استفزاز الإدارة الجديدة، تماماً كما فعلت القاعدة وقامت بتنفيذ هجمات 11 أيلول.

 

 

(الإندبندنت ـ الخليج اونلاين)