هناك متل صيني يقول : (( من لايقارن لايعرف )) .وعلم ألإنتربولوجيا،  هو علم  قائم، كله على المقارنة بين الشعوب، لإكتشاف من أوجه التشابه أو الإختلاف، بين عاداتها وتقاليدها، ثم للتوصل الى الثوابت الأساسية التي تتحكم بالطبيعة البشرية.

المصارحة والمصالحة بين المسلمين

 

على ضوء ذلك، نحاول أن نفهم ما يحصل حالياَ في العالم العربي والأسلامي ككل، فمن العراق حيث تحصل التصفيات الطائفية المتبادلة، ويحصد الناس بالعشرات أو بالمئات في المساجد، وحول المقامات والأسواق الشعبية، إلى باكستان حيث تحصل ألمجازر بحق السنة والشيعة، على يد متطرفين من الطرفين، وكذلك في البحرين، والسعودية، وأفغانستان، واليمن، وسوريا، ولبنان، ونلاحظ أن التوتر ما إنفك يتفاقم، ويتسع بين الطوائف الأسلامية . فهل سندخل حرب المائة عام ؟؟؟ بين السنة والشيعة ياترى ؟؟؟.

أرجو من ألله ألعلي ألعظيم، ألا يكون ذلك صحيحاَ . ولكن نعتقد جازمين بأن هذه المسألة، لن تحصل فعلاَ إلا بعد المصارحة التاريخية الكبرى، فألمصارحة لن تحصل إلاَ بعد المصالحة.  أي أن نحدد المشترك ونعمل به ونتعاون من خلاله، ونحدد الخلاف ونتفاهم على إدارته بالحوار المستمر وتضييقه حتى التلاشي بما فيه مصلحة ألإمة. ولكن من يجرؤ عليها الأن ؟؟ من يجرؤ على تسمية الأشياء بأسمائها؟؟ وعلى وضع النقاط على الحروف، والدخول في صلب الموضوع،  مادام ألمتطرفون من كلتا الجهتين هم أسياد الموقف. فلا نرى أي أمل في الحل أو في الخلاص . مادام الفهم الظلامي المتعصب والتكفيري للطوائف والمذاهب، هو السائد في البيت، والمدرسة، والجامعة، والشارع، وفي الصحف، والمجلات، وكل وسائل الإعلام، بحيث أصبح لكل مذهب محطته التلفزيونية تبت ماتشاء من برامج الفتنة والتفرقة والتكفير والتشهير.

 وإثاراة النعرات المذهبية  ودس ألأقاويل، والأحاديث والروايات والفتاوى المنسوبة للماضي دون أي إثبات أو تحقيق أو سند. مما  يثير الحقد والكراهية والتكفير بين الطرفين. سيما وأن  لكل منهما مرجعياتهم الدينية المتخصصة دون محاسبة أو مراقبة لهما. حتى التحريض على قتل بعضهم البعض وجزاؤهم عند ألله الجنة. علماَ بأن النبي محمد (ص) واحد، والقرأن الكريم واحد، وسنتهم واحدة، إنها الجاهلية الحقيقية الملتبسة  لباس الدين، إنه الحقد والتعصب المذهبي ومحدودية فهم النص الديني عند الفقهاء وضعف ثقافتهم العصرية وتعصبهم المذهبي الأعمى وذلك للمحافظة على سلطتهم القائمة على حد السيف والتكفير للأخرين الذين لايتبعون المفاهيم المتحجرة،  وكذلك المتنورين وأصحاب العقول المتنورة والقلوب المتسامحة الذين يدعون للمحبة والتسامح ونبذ التعصب، والتفرقة والعودة لكتاب الله، والعقلانية والعصرنة في فهمه وتفسيره بحيث نستمد منه منهجية إجتماعية أخلاقية إنسانية وقيم مثالية وليس مشروعاَ سياسياَ سلطوياَ قمعياَ مدعياَ بإنه سلطة الله على ألأرض .

وهذا ماعانت منه أوروبا في القرون الماضية بحيث إن الكنيسة إدعت لنفسها السلطة الإلهية، قمعت وإضطهدت وقتلت بإسم الرب والكنيسه، وإجتاحتها الحروب المذهبية والطائفية وخاصة بين الكاثوليك والبروتستات حتى غطت كل أوروبا بما فيها الدول ألسكندينافيا، بحيث أنها فقدت حوالي ثلث سكانها جراء هذه الحروب المذهبية ماعدا روسيا لأنها إرثوذوكسية لكن الكنيسة قمعت جميع المعترضين على تسلط الكنيسة  بحيث أن القيصر الروسي كان يتمتع بالسلطة الدينية والسلطة المدنية فهو الإمبراطوار وهو رئيس الكنيسة (الحبر ألأعظم ) ويدعى إن سلطتة مستمدة من ألله. وهذه كانت من العوامل ألتي أدت إلى الثورة البلشفيه حيث قتل عدة ملايين من المواطنين الروسي جراء الصراع بين ألثورة و (القيصر و الكنيسة ).

رغم أن الأيمان بالمسيح والأنجيل واحد لكلا الطرفين ألا أن الأصوليون في كلتا الجهتين يتهمون بعضهم بعضاَ بالكفر والخروج عن الدين،والثورة البلشفية دعت الدين أفيون الشعوب، لشدة ما فعلته الكنيسة من قهر وإستعباد وقمع وتجويع وتنكيل للشعب الروسي بأسم الدين والكنيسة  إلى أن ظهر أصحاب العقول النيرة في الكنيستين ألكاثولوكية وألبروتستانتية وقدمو تأويلاَ جديداَ للدين المسيحي تأويلاَ قادراَ على أن يتصالح مع العقل وكذلك فلاسفة التنوير في حينه حتى تمكنو من إخراج أوروبا من جحيم التعصب إلى نعيم التسامح الحضاري.

ورغم إن المذاهب الأسلامية لم تتشكل كعقيدة ناجزة إلا بعد وفاة النبي (ص) بفترة طويلة،

فالسؤال هنا ؟ هل ينبغي أن ندفع ثمن خلافات الأوائل على الحكم والسلطة إلى أبد الأبدين ؟؟ ما الجدوى من النقاشات وألخلاف الدائم بين السنة والشيعة حول أحقية الخلافة بعد وفاة الرسول (ص) الأن؟؟ وسيرة نساء النبي (ص) ومسلكية ألخلاف الراشديين وماذا أنتجت ؟؟ وهنا لابد من العودة في هذا الصدد إلى ما قاله  الباحث الأوروبي برناردس لويس؛ ( إن الخلاف السني الشيعي أقل خطورة من الخلاف الكاثوليكي ألبروتستانتي على الصعيد اللاهوتي ) . ولكن الملاحظ أن الأسباب نفسها تؤدي إلى النتائج نفسها حسب "علم الإصوليات المقارنة".

كما الملاحظ لدينا نحن العرب إننا دائماَ أسرى ماضينا  فإلى متى سيظل الماضي يتحكم في الحاضر والمستقبل ؟؟

 وكذلك الشعوب الإوروبية كانت رهينة ماضيها لعدة قرون حتى صفت حساباتها معه وتخلصت من عراقيله وتراكماته عن طريق التنوير الديني وغربلة التراث غربلة شاملة ووضعه على محك النقد التاريخي الصارم وعليه، أعود وأسأل السنة والشيعة ماذا أنتجتم جديداَ للإسلام؟؟؟ ألايكفيكم ما أصاب ألمسلمين من التفريق والتمزيق؟ وكم أضعتم من الفرص،؟ من أجل الوحدة والتقدم والحضارة والتنمية وتطوير المجتماعات الأسلامية نحو الحياة السعيدة التي من أجلها أرسل ألله رسوله وأنبيائه وكتبه المقدسة،عملا بالأية القرأنية "انًا أنزلنا الذكر وانا له لحافظون " لكننا سنبقى في ظلام الأحقاد والعصبيات المذهبية والطائفية حتى الإيمان المطلق بكلمة التوحيد كحبل للخلاص وحدة الكلمة ونعيم التسامح الحضاري ودرب التنوير الديني كسفينة للنجاة من الذل والأحقاد.