في أحد ازقة حي المصلبية، القريب من حي رجال الأربعين وحي الزويتني داخل صيدا القديمه، تقبع الشقيقتان المسنّتان الصيداويتان آمنة ونعمات البيطار (90 و85 عاماً) داخل غرفة ضيقة، لا يتجاوز طولها الاربعة امتار وعرضها اقل من ثلاثة امتار، ولا يتوافر فيها الحد الأدنى من السلامة العامة ومتطلبات الحياة والعيش الكريم. الغرفة التي تقع في الطابق الارضي من منزل العائلة المهجورمنذ اعوام طويلة والمهدد بين لحظة وأخرى بالانهيار على الغرفة ومن فيها، والتي تعشّش فيها الرطوبة والعفونة وتتآكل جدرانها التصدّعات والتشقّقات وهي تشكل الملاذ الوحيد الامن للشقيقتين، تنامان فيها على كنبتين قبالة بعضهما البعض هي غرفة منامة وغرفة طعام واستقبال، وهناك غرفة لقضاء حاجة المسنة المقعدة التي تدير شقيقتها الاصغر نعمات كل حاجاتها، وهي راقدة على سرير خشبي صغير، علما ان الثانية باتت هي ايضاً بحاجة الى من يهتم بها.

 

تقول نعمات التي لا تزال تحافظ على حاستي السمع والكلام لـ "النهار": "ولدنا في هذا البيت ولا نزال نعيش فيه. بعد وفاة العائلة وتصدّع المنزل كلياً في الطابق الاول نتيجة الزلزال الذي ضرب صيدا والقصف الإسرائيلي خلال اجتياح الإسرائيليين للمدينة في العام 1982 لم يبق لدينا سوى هذه الغرف' الصغيرة. لدينا شقيق واحد يقيم مع عائلته خارج البلد القديمة هو من حين إلى آخر يسأل ويهتم بنا لكن وضعه المادي حرج للغاية. وما عدا ذلك لا احد يسال او يهتم او يطمئن علينا سوى احد ابناء الحيّ و"جمعية اهلنا" التي توفر لنا الدواء واحيانا بعض الطعام، واشخاص في المناسبات ونسمع منهم وعوداً بضرورة اصلاح المنزل وإعادة ترميمه لانه غير صالح للسكن ومعرض للسقوط. وخلال الانتخابات النيابية اوالبلدية يرسلون الينا سيارة خاصة لتنقلنا إلى صناديق الاقتراع واعادتنا إلى المنزل بعد ان نقوم بالاقتراع للجهة التي تؤيدها العائلة".

واضافت: "منذ اعوام طويلة ونحن نسمع بوعود وجهود تبذل لاعادة ترميم وصيانة المنازل والابنية المهددة بالسقوط. وتعمل احدى الجمعيات الخيرية على ترميم وتجميل واجهات المنازل والابنية من الخارج. وتبرر المسؤولة عن الجمعية ان بعض العائلات التي جرى ترميم منازلها من الداخل قاموا ببيعها بعد انتهاء اعمال الترميم.


آمنة مهددة بالموت وهي بحاجة ماسة الى نقلها فوراً الى مأوى للعجزة. اما نعمات فهي بحاجة الى بيت صغير ومكان امن ولائق للعيش ولو بالحد الادنى من الشروط المناسبة.

علمت "النهار" في الآونة الاخيرة ان ممثلين عن برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP بدأوا التنسيق مع بلدية صيدا لترميم نحو 15 منزلاً في صيدا القديمة، عسى ان يكون منزل الشقيقتين من ضمنها.

وختاما هي ليست صرخة، وانما لفتة الى كل شخص يشعر انه معني بالوضع الحياتي والانساني للشقيقتين، ودعوة للمبادرات الشبابية والطلابية التي عودتنا القيام بأعمال تطوعية وانسانية واجتماعية، للمساهمة ضمن امكاناتها بأي عمل من شأنه انقاذ حياة آمنة ونعمات من الموت غير الرحيم.