لم يتردّد الرئيس الأميركي الجديد في التعبير عن امتعاضه من هيمنة إيران على العراق، معتبرا أنها استفادت من جهود كبيرة بذلتها بلاده وأموال طائلة دفعتها دون طائل.
 

كشفت الولايات المتحدة الأميركية عن توجّه واضح نحو الحدّ من النفوذ الإيراني في العراق الذي يمثّل مركز ثقل كبير لذلك النفوذ، وسيكون بالنتيجة ساحة رئيسية لجهود تطويقه ومنطلقا لمحاصرته في ساحات عربية أخرى.

وبالتوازي مع انخراط واشنطن في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب بشكل أكبر في الحرب على تنظيم داعش بالعراق والتي وصلت إلى مرحلة الحسم في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى بالشمال العراقي، بدا أن إدارة ترامب قد انخرطت في “حرب” سياسية ودبلوماسية موازية لمحاصرة النفوذ الإيراني من خلال الضغط على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لفك ارتباط حكومة بغداد وارتهان قرارها بطهران.

وتريد الولايات المتحدة من انخراطها بشكل أكبر في الحرب على تنظيم داعش في العراق انتزاع الدور الرئيسي في حسمها نظرا لأهمية ذلك في وضع ترتيبات المرحلة التي تليها، بما في ذلك إعادة توزيع خارطة النفوذ في البلد.

ولم يتردّد الرئيس الأميركي الجديد في التعبير عن امتعاضه من هيمنة إيران على العراق، معتبرا أنها استفادت من جهود كبيرة بذلتها بلاده وأموال طائلة دفعتها دون طائل.

ويرى مراقبون أن الإبطاء في استكمال تحرير مدينة الموصل من داعش لا صلة له بقدرات التنظيم على الصمود؛ إذ أنّ قوّته الرئيسية تم سحبها إلى الداخل السوري كما يؤكد العارفون بطبيعة الخطط التي يتبعها داعش في معاركه، وهي خطط تعتمد المناورة عن طريق الكر والفرّ ولا تكرس البقاء في المكان نفسه لأكثر من نزال واحد.

ولهذا السبب يجزم هؤلاء بأن البطء في حسم المعركة مرده أن القيادة العسكرية الأميركية تسعى إلى أن تنهي المعركة في اتجاهين: أولهما الانتهاء من مسألة وجود داعش على الأراضي العراقية بشكل كلي، بحيث لا تعود له القدرة على التهديد والقيام بجولة جديدة كما حدث سابقا غرب العراق. وثانيهما ضمان ألا تستفيد ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران من السيطرة على مناطق سنية في محافظة نينوى بالغة الأهمية لوقوعها على الطريق باتجاه سوريا ما يتيح لإيران تحقيق التواصل بين مناطق نفوذها في ثلاثة بلدان عربية متجاورة هي كل من العراق وسوريا ولبنان.

وتعبيرا عن أهمية معركة الموصل في ترتيب الأوضاع المستقبلية للعراق قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الخميس، إنّ واشنطن تسعى لإعادة العراق إلى وضعه الطبيعي.

ومنذ مجيء ترامب إلى حكم الولايات المتحدة لوحظ تركيز أميركي جديد على التواصل مع حكومة بغداد من قبل أركان إدارة ترامب.

وفي مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكّد تيلرسون دعم بلاده للعراق في حربه ضد الإرهاب.

وأضاف أن “إدارة الحرب في العراق ناجحة والقوات العراقية تطورت كثيرا في الآونة الأخيرة”.

وكشفت الولايات المتحدة أن دور قواتها في معركة الموصل لا يقتصر على توفير الإسناد الجويّ في نطاق التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وإنما يتعدّاه إلى حضور قوات خاصة لها على أرض المعركة.

وتجلّت المنافسة بين واشنطن وطهران على المشاركة في المرحلة النهائية من المعركة الحاسمة من خلال تصريحات لقائد عسكري أميركي قللّ فيها من دور إيران في حرب داعش بالموصل.

ووصف المتحدث باسم التحالف الدولي العقيد جون دوريان، الحضور الإيراني في المعركة بأنه “ضعيف”، مؤكدا أنّه مقتصر على وجود ميليشيات مدعومة إيرانيا في الجانب الغربي من مدينة الموصل، وذلك في إشارة إلى ميليشيات الحشد الشعبي التي تقول حكومة بغداد إنها خاضعة لإمرتها.

لكن تسمية دوريان لتلك القوات بالميليشيات والقول إنّها مدعومة من إيران يعنيان عدم اعتراف الولايات المتحدة بها كقوة شرعية خاضعة للحكومة العراقية.

وقال دوريان، في موجز صحافي أدلى به من العراق، عبر دائرة تلفزيونية مع صحافيين في واشنطن “لم نر أعدادا كبيرة من طواقم الجيش الإيراني، بالرغم من وجود بعض المجاميع العاملة غرب مدينة الموصل ممن لديهم ارتباطات مع إيران”.

ولم يستثن دوريان إمكانية إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق قائلا “قائد قوات التحالف الدولي الجنرال جوزيف فوتيل يتوقع دعم الإدارة الحالية له في حال احتاج إلى المزيد من التعزيزات من المقاتلين والمعدات”.

ولم يكن انخراط الولايات المتحدة المتزايد في معركة الموصل، من دون نتائج حيث أعاد تحريكها بعد جمود تواصل لأسابيع واستمر بعد استكمال استعادة الجزء الأيسر من المدينة والواقع إلى الشرق من نهر دجلة.

أعلنت القوات العراقية الخميس سيطرتها على مطار الموصل الذي يعدّ محطّة هامة في عملية استعادة الجزء الغربي من المدينة.