في خطوة غير مسبوقة؛ اعتقلت الأجهزة الأمنية في مصر أحد قيادات الأحزاب من منزله، الأسبوع الماضي، بعد توجيه اتهام له بالانتماء لحزب سياسي، في وقت اشتكت فيه معظم الأحزاب من التضييق الأمني الشديد على أعضائها.

وألقت الشرطة القبض على القيادي في التيار الشعبي وحزب الكرامة، مجدي الصياد، من منزله، وقررت النيابة حبسه احتياطيا 15 يوما، بتهمة الانضمام لحزب الكرامة، وهو حزب ناصري التوجه، حصل على ترخيصه القانوني في آب/ أغسطس 2011، بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، ويعد حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق أحد أبرز قياداته.

انحراف خطير

وأصدرت ستة أحزاب؛ هي الكرامة والتيار الشعبي والدستور والتحالف الشعبي الاشتراكي والعيش والحرية والعدل، بيانا مشتركا الأسبوع الماضي، أدانت فيه القبض على مجدي الصياد، وقالت إنه يمثل "سابقة خطيرة".

واستنكرت هذه الأحزاب توجيه النيابة اتهاما للصياد بالانضمام لحزب الكرامة، بما يمثل مخالفة لأحكام الدستور الذي لم يجرم عضوية الأحزاب السياسية، معتبرة هذا الاعتقال "انحرافا خطيرا، وتصرفا غير مسؤول، وبداية لتجميد الحياة الحزبية وتجريمها في مصر".

وأكدت أن هذه الخطوة تأتي في إطار ترهيب القوى السياسية؛ بسبب تبني الصياد وحزبه حملة "مصر مش للبيع" التي ترفض نقل تبعية جزيرتي صنافير وتيران للسعودية، متسائلة: "ألم يع النظام من سابقيه أن جيلا ولد من رحم ثورة يناير؛ سيظل يناضل من أجل الحرية والكرامة، ولن يقبل بسياسة تكميم الأفواه، أو دولة الصوت الواحد؟".

وقال عضو التيار الشعبي، معصوم مرزوق، في تصريحات صحفية، إن القبض على الصياد لانتمائه لحزب الكرامة "يشير إلى أن النظام ينتقم من النشطاء الذين وقفوا ضده في قضية تيران وصنافير"، مؤكدا أن هناك "غيابا لدولة القانون، وانسدادا للحياة السياسية في البلاد، واستخداما للقمع لمواجهة المعارضة".

تضييق أمني على الأحزاب

وفي سياق ذي صلة؛ أعلن حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) تمكنه من عقد جمعيته العمومية، الجمعة، بشق الأنفس، بعد عدة محاولات فاشلة في العثور على مكان يجتمع فيه أعضاؤه.

وأضاف الحزب في بيان له، أن أعضاء الحزب واجهوا أشكالا مختلفة من التضييق الأمني؛ جعل أغلب الأماكن المتاحة ترفض استقبالهم خوفا من بطش الأمن، ما جعل انعقاد الجمعية العمومية تحديا حقيقيا، حتى انعقدت (الجمعة).

وأكد أن المضايقات الأمنية طالت الكثير من أعضاء الحزب في المحافظات المختلفة، الذين تم استدعاؤهم من قبل أجهزة الأمن، واعتقال بعضهم، في إطار الحملة التي تشنها الدولة للتنكيل بمنظمات المجتمع المدني، والتضييق على الأحزاب، ومحاولة الاستيلاء على بعضها.

لا توجد معارضة حقيقية

من جهته؛ قال الباحث السياسي محمد حسين، إن القبض على مجدي الصياد هدفه توصيل رسالة لقوى المعارضة بأن الحياة الحزبية سيتم تجميدها في المرحلة المقبلة، خصوصا أن التهم الموجهة له بشكل رسمي من قبل النيابة العامة؛ هي الانضمام لحزب الكرامة والتيار الشعبي، أي أن النيابة تعتبر انضمامه لحزب سياسي جريمة.

وأضاف لـ"عربي21" أن هذه التصرفات تخالف الدستور والقانون، مؤكدا أن "القضية لو استمرت في هذا الطريق؛ فمن السهل أن يتم إطلاق سراح الصياد والحكم ببراءته، لكن الأمن لن يقف عاجزا، وسيقوم بتلفيق تهم أخرى، مثل التظاهر بدون ترخيص، أو أي تهمة من التهم الجاهزة التي يتم تلفيقها لأي شخص يعارض النظام".

وأوضح حسين أن الحياة الحزبية في مصر موجودة على الورق فقط، "فلا يوجد أي حزب سياسي يعارض النظام بشكل حقيقي، وكل الاحزاب إما مع النظام، أو تعارض الحكومة فقط، أو وزيرا فيها"، مؤكدا أنه "لا توجد معارضة حقيقية، ولا يجرؤ أحد الأحزاب الموجودة على أن ينافس النظام على السلطة كما يحدث في كل دول العالم، وبالتالي فإن الحياة الحزبية أصبحت منعدمة؛ لأن الأجهزة الأمنية تتدخل في كل شيء".

موجودة لكنها غير مفعلة

من جانبه؛ رفض أستاذ العلوم السياسية إبراهيم بيومي هذا التفسير، وقال إنه "من غير المنطقي أن يسعي النظام إلى إلغاء الحياة الحزبية في مصر"، مشيرا إلى أن "هناك عشرات الأحزاب التي تعمل حتى الآن، وهناك برلمان تم انتخاب أعضائه بعدما رشحتهم أحزابهم لمجلس النواب".

وأضاف لـ"عربي21" أن الحياة الحزبية موجودة في مصر لكنها غير مفعلة، حيث يريد النظام دائما أن تكون الأحزاب بمثابة "ديكور سياسي" يستخدمها وقتما يشاء، "لكن إذا حاولت تلك الأحزاب معارضة النظام في قضايا حساسة، مثل تيران وصنافير، فإنه يتم التنكيل بها".

وشدد بيومي على أن القبض على نشطاء يدافعون عن الأرض المصرية "يعد تصرفا متهورا من جانب الأجهزة الأمنية، وقمعا لأحزاب المعارضة"، لافتا إلى أنه يعتقد أن إلقاء القبض على مجدي الصياد جاء على خلفية دوره في قضية جزيرتي تيران وصنافير، حيث كان من أبرز النشطاء الذين ساهموا في حملة "مصر مش للبيع".

 

 

ثامر علي