في معرض ذكر الأسباب الموجبة لتأسيس المجلس الشيعي ورد في المادة الثانية من قانون تنظيم شؤون الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان ينشأ للطائفة الإسلامية الشيعية في الجمهورية اللبنانية مجلس يسمى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، يتولى شؤون الطائفة و يدافع عن حقوقها، و يحافظ على مصالحها، و يسهر على مؤسساتها، و يعمل على رفع مستواها…).
و في إطار بحوثنا المتخصصة في الإضاءة على واقع المجلس الشيعي الراهن، و تطلعاتنا لتطويره و تعزيز حضوره على المستوى العام و الخاص، فإنه ينبغي علينا الإجابة عن التساؤلات التي باتت تتكاثر حاليا، حيال جدوى استمرار المجلس الشيعي كمؤسسة شيعية أسست لتكون رائدة في المجتمع اللبناني ..

فالنصوص القانونية تؤكد علة تأسيس المجلس الشيعي كي يتولى شؤون الطائفة، و يدافع عن حقوقها، و يحافظ على مصالحها، و يسهر على مؤسساتها، و يعمل على رفع مستواها)، فهل إذا لم يعد يتمكن المجلس الشيعي من لعب دوره الذي أنشئ بسببه، فهل يعد له أي داع!  و إذا انتفى دوره الوطني و العربي و الإسلامي فلماذا تستمر هذه المؤسسة !!

لا سيما مع تكرار التمديد لهيكليته التي أكل الدهر عليها و شرب، و مع إعطاء صلاحيات استثنائية أكثر من مرة بملء المراكز الشاغرة، التي هي مراكز (ذات صفة تمثيلية)  و تاليا فاعتماد آلية التعيين يتعارض مع صفتها التمثيلية! 

مع العلم أن تأسيس المجلس الشيعي في لبنان شكل سابقة في مجاله، كون الشيعة لديهم نظامهم الديني الخاص بهم، المتمثل بالمرجعية الدينية، التي يتولاها العالم المجتهد الجامع للشرائط الشرعية، و هذا الموقع التقليدي التاريخي هو المرتكز في وعي و عقول و قلوب الشيعة، بخلاف المجلس الشيعي، الذي جاء تأسيسه خلافا لما ألفه الشيعة و درجوا عليه.. 

و منه نخلص، لأنه إذا لم يتمكن الشيعة من تفعيل دور المجلس الشيعي وطنيا و إسلاميا، و إذا لم يمارس المجلس دور الأب الحاضن لكل أبنائه الشيعة على اختلاف مشاربهم و تنوعاتهم السياسية و الفكرية ..، فحينها لا حاجة لبقاء هذه المؤسسة، كونها ظاهرا و عمليا محسوبة على كل الشيعة، و بالواقع تمثل بوقا و صدى لبعض القوى السياسية الشيعية.. 
و عندها الأفضل العمل بالإقتراح الذي طالب به ذات مرة المؤرخ الراحل السيد حسن محسن الأمين، الذي اعتبر أن مرجعية الشيعة لا تحصل بالانتخاب مثل روما، و لا بالتعيين مثل مفتي مصر، بل بطريقة مميزة جدا، يشترك فيها الرأي العام الشيعي، الذي يقلد شخصا و يرجع إليه، و مع ذلك يبقى في الساحة الشيعية الدينية تعددية، حسبما يقرر الناس.. و يختم الأمين : إذا كان الشيعة في لبنان بحاجة لتسيير بعض معاملاتهم الدينية الرسمية فيمكن لدار الإفتاء الجعفري القيام بهذه المهمات، دون أي ضرورة للمجلس الشيعي الذي يستحسن إلغاؤه!! 


و طبعا هذا كلام سليم، لا سيما في أيامنا الراهنة، التي بات المجلس الشيعي أكثر اضمحلالا، و تقزم دوره ليتحول كجزء من بعض القوى الحزبية الشيعية!! 
و إذا كان البعض يتحسس من المطالبة بإلغاء المجلس الشيعي - هذه الدعوة التي لا بد أن تتعالى الأصوات للمطالبة بها في المرحلة القادمة -، فنقول لهم : أنتم من ألغيتم المجلس و دوره، و إذا كنتم حريصين عليه، فعليكم تفعيل دوره، و جعله الواحة الجامعة لكل تناقضات الشيعة، فهذا هو مبرر وجوده، و انتفاء الأسباب الموجبة لتأسيسه، مع عدم نية إصلاحه، يستدعي  المضي قدما في المطالبة بإلغاء هذا المجلس الذي أريد له أن يتحول ل (مجلس ضرار)!!!

 

الشيخ محمد علي الحاج العاملي