تحت عنوان "الروسي الذي يجمع بين بوتين وأردوغان وترامب"، نشر موقع "بلومبيرغ" الأميركي تقريراً عن الروسي والقومي المتشدِّد ألكسندر دوغين، الملقب بـ"راسبوتين بوتين"، مسلّطاً الضوء على الدور الذي لعبه بين تركيا وروسيا بعد حادثة إسقاط "السوخوي" في تشرين الثاني من العام 2015 وعلى العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية التي يتطلع إلى تحسينها في ظل وجود "حلفاء إيديولوجيين" في البيت الأبيض.


التقرير الذي رأى أنّ الفيسلوف الملتحي، دوغين، يبدو وعلى نحو غير مألوف وكأنه مدبر سياسة الكرملين الخارجية، أوضح أنّه وظّف معارفه في كلٍ من روسيا وتركيا لإنهاء الأزمة التي نشأت بينهما بعد إسقاط "السوخوي"، معتبراً أنّ عودة التقارب بينهما سمحت بهزيمة إدارة الرئيس الأميركي آنذاك، باراك أوباما، وترجيح كفة الرئيس السوري، بشار الأسد، في الحرب الدائرة منذ العام 2011. كما ولفت التقرير إلى أنّ آراء دوغين عن "شرور" الليبرالية قرّبت روسيا من تحقيق رؤيتها الهادفة إلى تفكيك النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، عبر إبعاد تركيا من حلف شمال الأطلسي "الناتو" وتأسيس حلف روسي-إسلامي يضم إيران، إلى حدّ ما.

 

وبحسب التقرير، فإنّ دوغين المدرج اسمه على لائحة العقوبات الأميركية لمساعدته الانفصاليين الأوكرانيين، لا يتبوأ منصباً رسمياً، علماً أنّه سبق أن أشار على عضو في دائرة بوتين الصغرى وألّف كتاباً عن الجيوسياسية استخدمه الجيش الروسي.

من جهته، يشدِّد دوغين الذي صُرف من عمله كرئيس قسم الاجتماع في جامعة موسكو في العام 2014 بعدما اتهمه ناشطون بالتشجيع على ارتكاب المجازر إبان الأزمة الروسية-الأوكرانية، على أن استقلاليته تتيح له لعب دور الوسيط الفاعل، فكيف تم ذلك في تركيا؟

بعدما أكّد رئيس الاستخبارات التركية السابق، إسماعيل حقي بكين، إسقاط طائرة "السوخوي" الروسية، توجه مع وفد حزب "الوطن" الذي تألف من 5 أعضاء إلى موسكو في كانون الثاني من العام 2015، لحضور 4 اجتماعات رتّبها دوغين مع عدد من المسؤولين الروس الحاليين والمتقاعدين.

وفي التفاصيل أنّ دوغين أخذ الوفد التركي إلى "غرفة سرية" في "مكان خاص" للقاء رجل الأعمال فاحش الثراء، قسطنطين مالوفيف، الذي تربطه علاقة بالكنيسة الروسية الأرثوذكسية.

ووفقاً لبكين، فإنّ دوغين وصف مالوفيف بأنّه "ذراع بوتين اليمنى"، فأدرك الأتراك آنذاك أنّهم بواسطته يدقون باب الرئيس الروسي، وهكذا أقنعوا الروسي بأنّ إسقاط الطائرة جاء نتجية مؤامرة بين جماعة الداعية فتح الله غولن والولايات المتحدة ومسؤولين في "الناتو"، لإحداث شرخ في العلاقات الروسية التركية. في هذا الإطار، نقل التقرير عن بكين قوله إنّ دوغين سعى إلى أن يتألف الوفد التركي من جنرالين متقاعدين وأدميرال سابق، عارضوا أردوغان وسجنوا محاولتهم التخطيط للإطاحة بالحكومة، لما لذلك تأثير كبير على زيادة مصداقيتهم في عيون الروس.

إلى ذلك، بيّن التقرير أنّ دوغين قدّم لتطبيع العلاقات التركية-الروسية تدريجياً بعد سفره إلى أنقرة في آذار ليؤكد أنّه من شأن توقيف العنصرين اللذين أقدما على إسقاط الطائرة أن يفضي إلى ذلك، كاشفاً أنّه بعد مرور 3 أسابيع تحقّق ما حذّر منه مالوفيف و"راسبوتين بوتين"، إذ شهدت أنقرة على محاولة الانقلاب الخامسة في تاريخها الحديث.

في ما يختص بحادثة اغتيال السفير الروسي في تركيا، فوضعها دوغين في إطار محاولة إدارة أوباما و"العولميين" الأخيرة زعزعة التقارب بين موسكو وأنقرة.

أميركياً، تناول التقرير تأييد مدير حملة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الانتخابية، ستيف بانون آراء دوغين الذي لم يلتقِ به يوماً، موضحاً أنّ الأخير توقع أن يشهد التاريخ على تغيرات في عهده وأنّه أصبح يرى في الولايات المتحدة حليفاً محتملاً.

ختاماً، خلص التقرير إلى أنّ عين دوغين على أوروبا حالياً، حيث يعمل على بناء علاقات مع الأحزاب المعارضة للسلطة، وسط استعداد فرنسا وهولندا وألمانيا للانتخابات هذا العام.

(Bloomberg)